القصة من إخراج أندريس بايز وقد أدت دور البطولة باحتراف صوفيا فيرغارا، وهي مأخوذة من قصة حقيقية، هي حكاية غريزلدا بلانكو ريستريبو (15 شباط/ فبراير 1943 - 3 أيلول/ سبتمبر 2012) المعروفة بـ"لا مادرينا" أو العرّابة، وملكة الاتجار بالمخدرات، كونها كانت "بارونة" مخدرات كولومبية من كارتيل ميديلين ورائدة في تجارة الكوكايين في ميامي والمنظمات الإجرامية خلال العقد 1970 وبداية العقد 1980.
من ربة منزل تعرّضت للاستغلال من قبل زوجها، الذي قتلته لاحقاً انتقاماً على ما فعله لها، أصبحت غريزلدا زعيمة عصابة هزت عرش عالم المخدرات وفرضت نفسها كقوة لا يُستهان بها، مع العلم أن طريقها لم يكن معبّداً بالورود، فقد واجهت التنمّر ومحاولات الإحباط، والمنطق الذكوري والكثير من الرجال الخطرين، الذين كانوا راغبين بالقضاء عليها.
يروي المسلسل في جزئه الأول والوحيد معاناة غريزلدا بلانكو الآتية من مدينة "ميديلين" في كولومبيا، وهي المدينة التي نشأت فيها وبدأت حياتها المهنية فيها، في تجارة المخدرات، كما أنها مدينة بابلو إسكوبار تاجر المخدرات الشهير، الذي ربطته بغريزلدا علاقة عمل معقدة، بسبب المنافسة وخطورة المجال. كما يرتبط اسم الاثنين بأكثر من جريمة قتل وتفجير، ويبدو ذلك مرافقاً لتجارة المخدرات خصوصاً في ذاك الوقت.
وتُعرف ميديلين بأنها كانت مركزًا رئيسيًا لتصنيع وتوزيع الكوكايين في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، واشتهرت بتجارة المخدرات وعنف الكارتيلات.
وغريزلدا نشأت بالفعل في بيئة فقيرة، وواجهت العنصرية والتنمّر والعنف والفشل الزوجي، فقررت أن تثور على كل شيء لتصنع نفسها. السؤال الذي لا نتوقف عن طرحه أثناء المشاهدة هو، هل غريزلدا مجرمة أم أنها بطلة؟ وينتهي المسلسل ويتركنا حائرين، إلا أن هذه السيدة الكولومبية لا بد أن تثير فينا بعض الفخر في مشاهد تصوّرها فوق كل الرجال حولها، تفرض رأيها، تفاوضهم، تحقق أهدافها، تنجح، على رغم الاستخفاف بها واعتبارها مجرد كائن ضعيف سقوطه وشيك...
ليست غريزلدا التي انتهت في السجن بوصفها تاجرة مخدرات ومتهمة بجرائم قتل عدة، هي ما يعنينا هنا من منظور نسوي، ولا يسعنا التشجيع على سلوك طريق الجريمة من أجل الوصول، إنما لا يمكن المرور على المسلسل من دون التوقف عند فكرة قوة النساء وشجاعتهنّ، في عالم ينحاز للرجال لا سيما في مجالات الأعمال والسلطة.
غريزلدا هي اختصار لنساء كثيرات يحاولن الوصول إلى أحلامهنّ في السياسة، في المجالات الاقتصادية المعقدة والتي تعتبر حكراً على الرجال ولا تليق بالنساء، والمسلسل تصوير مبسّط لما تواجهه كثيرات في طريقهنّ من محاولات تحجيم ومحاربة واستخفاف وتنمّر وعنف... لهذا لا تفوّتوا/ن فرصة مشاهدة المسلسل والاستمتاع به، ما زال الشتاء طويلاً!