رجال نسويّون؟
من حسن الحظ أن هناك مجموعات من الرجال لا تُصدر أحكامها من عل، ولا تتدخل في الجدليات النسوية، إنما تطرح تساؤلاتها حول مفهوم الذكورة وتتأمل بالصور النمطية والتبجح الذكوري على طريقتها الخاصة وبشكل مستقل.
من حسن الحظ أن هناك مجموعات من الرجال لا تُصدر أحكامها من عل، ولا تتدخل في الجدليات النسوية، إنما تطرح تساؤلاتها حول مفهوم الذكورة وتتأمل بالصور النمطية والتبجح الذكوري على طريقتها الخاصة وبشكل مستقل.
"مرحباً ماما ماذا سنأكل اليوم؟"، يتكرّر هذا السؤال في اليوم الواحد أكثر من مرة وعلى أكثر من لسان. وفي كل مرة تجد ديما نفسها محاطة بالمزيد من الارتباك والحيرة، فالطعام اليومي لعائلتها بات جزءاً من التحديات التي يفرضها الانهيار الاقتصادي على نساء لبنان، كونهنّ في معظم الأحيان مسؤولات عن تدبير شؤون المنزل والاهتمام بالأطفال وحاجاتهم.
أصبحت آمبر هيرد الإثبات القطعي المُنتظر لمظلومية الرجل، أو ببساطة، لمقولة: "ألم نقل لكم أن النساء شرّيرات؟!". قد تكون آمبر شريرة لكن ليس لكونها امرأة، بل لكونها نفسها. أما الخوف اليوم، فيتمثّل في أن تترك هذه القضية أثراً كارثياً في كيفية تعامل المجتمعات مع قضايا العنف والتحرش والتمييز ضد النساء.
نحن القويات الناجحات المستقلات بنات داني بسترس وسيلفيا بلاث وسعاد حسني... كلّنا دون استثناء نختنق من معاناتنا الصامتة، ونردّد مع صديقتي "بدي إهرب"، أحياناً في اليوم الواحد أكثر من مرّة.
هكذا كان أن انتصرت الرومانسية بوجهها الأكثر استفزازاً و"عنفاً"، على النساء المُعتدى عليهن، إنما هذه المرة بتوقيع امرأة معروفة ومؤثرة، كانت ذات يوم مناصرة لقضايا النساء وحقوق الإنسان.
في 28 آذار/ مارس 2022، خرجت الناشطة والصحافية مريم ياغي في بث مباشر من العراق لتطالب الحكومة والعالم بإنصافها لأن البطل المقاوم ذائع الصيت منتظر الزيدي، وهو طليقها، يمنعها من رؤية ابنتها…
الأم المحتفى بها كرمز للتضحية والحب، هي نفسها الأمّ المعنّفة جسدياً ولفظياً ومعنوياً، هي ذاتها ضحية هذه المنظومة التي تحب تدمير النساء، ثم مصالحتهنّ بيوم للأم وآخر للمرأة. لكنها مجرّد أيام، فحين نتحدّث عن الحقوق، قد يتحوّل المحتفون والمحبّون إلى وحوش، أو في أحسن الأحوال إلى أشخاص لا يهمّهم الموضوع.
تقع النسوية في الموقع المعاكس تماماً للمصفوفة الذكورية البوتينية التي تحاربها النسوية، أي أنها ضد العنف الذي يُمارس في جميع الحروب التي نجمت عن النظام الأبوي المهيمن والذي ينتصب ممثلوه الهامون في كل مكان من العالم تقريباً: ترامب، بولسونارو، اردوغان، سالفيني، أوربان، وغيرهم...
في الثامن من آذار/مارس، قامت حركة Non Una Di Meno من جديد بدعوة الناس إلى الانضمام إلى ما أسمته "الإضراب الأرجواني"، وهو الامتناع طوعاً ليس فقط عن العمل المأجور، وإنما أيضاً عن كل تلك الممارسات التي تُرجع إلى الأدوار النمطيّة المرتبطة بالنوع الاجتماعي.
بموازاة تبجيل شعر الغزوات والبطولات، كان هناك تهميش واضح لما سمّي بشعر الجواري، ولغة التحدي والتهتك التي نظمت بها كثيرات قصائدهن. لماذا العودة إلى أزمان غابرة في يوم المرأة العالمي؟ لأن تهميش النساء أسلوب قديم جداً ما زالت مجتمعات كثيرة تسبر أغواره...
© 2023 ميدفيمينسوية - الشبكة المتوسطية للصحافة النسوية