من حملة "سموها_صح" – المصدر: جمعية أبعاد
لا شكّ في أن معظم العابرين بسياراتهم، بالحافلات أو حتى سيرًا على الأقدام، لفتت انتباههم/ن لافتات إعلانية تحمل عبارة "سمّوها صح". للوهلة الأولى ربط البعض الأمر بالتحضير للانتخابات النيابية، واعتبروا/ن أنها قد تكون حملة مشوّقة لدعم أحد المرشّحين/ت. البعض الآخر قال إنها ربما ضربة تسويقية جديدة لمنتج تجميلي جديد أو شوكولاتة بالفراولة. ولشدّة التهميش الذي تتعرّض له النساء حتى على مستوى أولويات التفكير، لم يخطر لمعظم المارّين/ت أنها حملة تتحدث عن الاعتداءات الجنسية التي تتعرض لها كثيرات، وللتخفيف من وطأتها تُسمّى "انتهاكًا للعرض" أو "جرائم شرف أو عار". القصّة تبدأ بالتسمية، واسمها "جرائم جنسية".
التسمية الصحيحة للجريمة خطوة أولى نحو العدالة
والحملة أطلقتها "أبعاد" التي تُعنى بقضايا النساء، ضمن حملة الـ 16 يومًا لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي، ونظّمت بالتزامن تحرّكًا رمزيًا أمام مجلس النواب للمطالبة بتعديل الفصل الأول من الباب السابع المتعلّق بالجرائم الجنسية، من أجل تأمين الحماية للناجين والناجيات من العنف الجنسي.
فبينما كان أعضاء لجنة الإدارة والعدل يعقدون اجتماعهم داخل المجلس، وقفت 20 سيدة خارجه في وقفة صامتة وموحّدة، رافعات رسائل للمطالبة بتشديد العقوبات على جرائم الاعتداء الجنسي والتأكيد على أن الاغتصاب والاعتداء الجنسي هما جرائم عنف جنسي وليسا قضايا "عرض" أو "شرف".
فوفق مسح أجراه معهد الاستشارات والأبحاث (CRI) لصالح "أبعاد" في تشرين الأول 2025، تبيّن أن 82% من اللبنانيين/ات يعتقدون/ن أن العقوبات الحالية تجاه الجرائم الجنسية هي عقوبات غير كافية. كما أن 78% يعتبرون/ن فعل إكراه الزوجة على الجُماع بغير رضاها جريمة بحقها
لا يمكن تغيير القانون والمفاهيم بدون تغيير اللغة أولًا

توضح رئيسة جمعية "أبعاد" غيدا عناني لـ"ميدفيمنسوية" أن: "اسم الحملة ينبع من الفكرة الأساسية التي ننطلق منها: لا يمكن تغيير القانون والمفاهيم بدون تغيير اللغة أولًا. لذلك نقول #سمّوها_صح، لأن استعمال مصطلحات مثل "الاعتداء على العرض" يُحوِّل الجريمة إلى قضية شرف أو أخلاق، بينما هي في الواقع جريمة عنف جنسي تمسّ بجسد الإنسان وكرامته. والتسمية الخاطئة تؤثر بشكل مباشر على كيفية تعامل القضاء مع القضايا، وطريقة نظر المجتمع إلى الناجيات، ومدى استعداد الضحايا للتبليغ، وأخيرًا تحميل المسؤولية للجاني أو تحويلها إلى الناجية".
وحول التحرك في الشارع الذي نظمته الجمعية، تقول عناني: "التحرك في الشارع ما زال يحمل قوة رمزية وعملية كبيرة، بخاصة عندما يكون مرتبطاً بمسار تشريعي واضح".
واقع النساء في لبنان، بحسب عناني، "ما زال مُقلقاً، خصوصاً في ظل ارتفاع مستويات العنف خلال السنوات الأخيرة نتيجة الأزمة الاقتصادية والهشاشة الاجتماعية. ومن خلال حملة #سمّوها_صح، نؤكّد أن التسمية الصحيحة للجريمة خطوة أولى نحو العدالة، ويجب استبدال مصطلح "جرائم الاعتداء على العرض" بـ"الجرائم الجنسية"."
التسمية الصحيحة للجريمة خطوة أولى نحو العدالة، ويجب استبدال مصطلح "جرائم الاعتداء على العرض" بـ"الجرائم الجنسية
الناجيات لا يُبلّغن بسبب الخوف
الحملة تسعى إلى تغيير المفاهيم السائدة التي تُخفي الجريمة أو تُبرّرها، وتعديل الفصل الأول من الباب السابع المتعلق بالجرائم الجنسية، واعتماد لغة عادلة ومسؤولة في الإعلام والمجتمع. هذه الخطوات ضرورية لأن الواقع الحالي يظهر بوضوح أن النساء ما زلن عرضة للعنف، وأن الكثير من الناجيات لا يُبلّغن بسبب الخوف، الوصمة، وضعف الحماية القانونية.
"لبنان ما يزال بحاجة إلى إصلاحات جوهرية في ما يخص حماية النساء من العنف، خاصة في جرائم العنف الجنسي. وبرغم الظروف السياسية والأمنية والاقتصادية، تبقى قضايا النساء في صلب الواقع اليومي لأنهنّ الأكثر تأثرًا بالنزوح، الحرب، وانعدام الأمان الاقتصادي"، تقول عناني.

وبحسب مسح معهد الاستشارات والأبحاث ، 51% من اللبنانيين/ات يعتبرون أن التبليغ عن العنف الجنسي يُسبب العار للعائلة. ويؤيد/ت 71% تغيير المصطلح القانوني "الاعتداء على العِرض" الوارد حالياً في نص القانون، إلى مصطلح "الاعتداء الجنسي"، فيما يؤيد/ت 98% تشديد العقوبة على جناة الجرائم الجنسية.
و78% يعتقدون أن السلطات اللبنانية لا تقوم حالياً بما يكفي لحماية النساء والفتيات من العنف الجنسي، ويؤيد/ت 95% أهمية إصلاح قانون العقوبات اللبناني في ما يتعلق بالجرائم الجنسية، بهدف توفير حماية أكبر للناجين/الناجيات.
هذه الأرقام تعكس بوضوح رغبة المجتمع اللبناني العميقة في التغيير، وفي اعتماد قوانين أكثر إنصافاً للنساء، ولا سيما في ما يتعلق بالعنف الجنسي.




























