الصورة الرئيسية لخالدة الجرار
تقول الأسيرة المحررة أمل الشجاعية في لقاء بُثَّ قبل ثلاثة أيام، لراديو "نساء أف أم"، وموقعه في الضفة الغربية: "بنعيش كمقابر للأحياء، كنا معزولين عن كل شيء يحدث بالخارج، ممكن يصلنا في بعض الأحيان أخبار من المحامين لكن لا يكفي." تم إطلاق سراح أمل ضمن صفقة تبادل الأسرى الأخيرة بين حماس وإسرائيل. رغم تحرير أمل، ماتزال 84 أسيرة، من بينهن ثلاث قاصرات، قيد الاحتجاز في السجون الإسرائيلية. ويشمل هذا العدد 21 معتقلة إدارياً.
يُعدّ الاعتقال الإداري إجراءً مثيراً للجدل، حيث يتيح للسلطات الإسرائيلية احتجاز الأفراد إلى أجل غير مسمى دون محاكمة أو تهمة واضحة، وغالباً استناداً إلى أدلة سرية لا يتم الكشف عنها.
بحسب ورقة تفصيلية أصدرتها هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني(1)، يبلغ إجمالي عدد الأسرى الفلسطينيين أكثر من 10400 أسير، دون احتساب جميع معتقلي غزة، خاصة المحتجزين في معسكرات تابعة للجيش الإسرائيلي.
انتهاكات لا تنتهي بحق الأسيرات
أمل الشجاعية، التي يعكس اسمها جزءاً من شجاعتها، اعتُقلت من مقاعد الدراسة الجامعية بتاريخ 6 حزيران/ مايو 2024. تقول أمل: "تجربة الاعتقال من بدايته لآخر لحظة، لحظة التحرر ونحنا بنعيش بسلسلة إجراءات قمعية وانتهاكات. في بداية الأسر بدأت الإجراءات من ناحية التفتيش العاري، يومياً ينزلو ع الأقسام ويبحثون في الغرف ويصادرون أغراض الأسرى، أيضاً صادروا الشبابيك في فترة من الفترات في ظل البرد الشديد".
تسبب اعتقال أمل في انقطاعها عن الدراسة. تقول الطالبة الجامعية:” انشالله رح ارجع واكمل بهمة عالية".

حتى في لحظة التحرير، تواصل القوات الإسرائيلية انتهاك إنسانية الأسيرات. فقد صرّحت الصحفية والمدونة الفلسطينية المحررة رولا إبراهيم حسنين لـ"الجزيرة"(2) أن السلطات الإسرائيلية أخضعت الأسيرات لتفتيش عارٍ قبل إطلاق سراحهن، وأجبرتهن على الانتظار لساعات طويلة في البرد القارس مرتديات ملابس خفيفة في سجن عوفر.
تتفق شهادات الأسيرات على أن الطعام كان قليلاً ورديئاً للغاية، بالإضافة إلى ضيق غرف الاعتقال التي لا تتناسب مع عدد الأسيرات الكبير. تستمر الانتهاكات في كل لحظة من حياة الأسيرات داخل السجون، حتى أثناء الاستحمام، وفق ما أفادت به رولا في حديثها للجزيرة: "كنا عند الاستحمام نضطر لغسل البدلة، ونرتدي ملابس أخرى حتى تجف، في انتهاك صارخ لخصوصيتنا كنساء".
120 أسيرة وطفلاً وطفلة سيتم الإفراج عنهم/ ن
تقول أمل: "تجربة الأسر لم تكن أبداً سهلة، ولا يمكن حصرها ببضع كلمات." ومع ذلك، تحرص أمل، كغيرها من الأسيرات، على تسليط الضوء على معاناة المعتقلات بهدف رفع الوعي وإيصال أصواتهن إلى العالم.
منذ اندلاع حرب السابع من أكتوبر 2023، تواجه النساء في غزة معاناة متعددة الأوجه، تبدأ بالموت تحت القصف الإسرائيلي داخل القطاع، ولا تنتهي بمأساتهن المستمرة في السجون الإسرائيلية. تقول أمل: "في السجن، في القسم رقم 3، كان لدينا ثلاث أسيرات من قطاع غزة، وكان الوضع صعباً جداً. الحمد لله نحن خرجنا، لكنهن ما زلن هناك، ولا يعلمن متى سيُفرج."
نصت الهدنة بين حماس وإسرائيل على الإفراج عن 120 أسيرة وطفلاً، إضافة إلى جميع محرري صفقة "وفاء الأحرار"(3) الذين أُعيد اعتقالهم قبيل معركة "طوفان الأقصى". ووفقاً لمكتب إعلام الأسرى، يُتوقع أن يصل جمالي المفرج عنهم/ ن 1737 أسيراً، بينهم/ ن 296 محكوماً بالسجن المؤبد.
من أبرز الأسيرات المفرج عنهن المناضلة خالدة الجرار (62 عاماً)، القيادية في الجبهة الشعبية. اُعتُقِلت في كانون الأول/ ديسمبر 2023 من منزلها في مدينة رام الله وسط الضفة الغربية، حيث وُضعت تحت الاعتقال الإداري دون تهمة.
"بنعيش كمقابر للأحياء، كنا معزولين عن كل شيء يحدث بالخارج، ممكن يصلنا في بعض الأحيان أخبار من المحامين لكن لا يكفي."
وأمضت خالدة ستة أشهر في العزل الانفرادي "كنوع من العقاب"، وفقاً لما أفاد به نادي الأسير الفلسطيني قبل أن يُفرج عنها ضمن المرحلة الأولى من صفقة "طوفان الأقصى" لتحرير الأسرى.
أثار خروج خالدة الجرار صدى واسعاً على الساحة الفلسطينية والعربية، خصوصاً بعد المعاناة التي عاشتها داخل السجن. وفي مقابلة لها مع الجزيرة (4)، ذكرت خالدة أنها حين سألت ضابطة المخابرات الإسرائيلية عن سبب عزلها انفرادياً في سجن الرملة (نفي تيرتسيا)، جاء الرد: "لن تعرفي السبب ولا مدة العزل."
"مرحبا بكم/ ن في الجحيم"
يتعرض المعتقلون والمعتقلات الفلسطينيون/ ات في السجون الإسرائيلية لانتهاكات جسيمة. وفي هذا السياق، أصدرت منظمة "بتسيلم" الحقوقية الإسرائيلية تقريراً(5) في أغسطس 2024 حمل عنوان: "مرحباً بكم في الجحيم"، وصفت فيه الظروف اللاإنسانية التي يعيشها أكثر من 10 آلاف فلسطيني/ ة داخل المعتقلات الإسرائيلية، حيث يعانون/ ن من العنف والتعذيب والإذلال.
تحرمهم/ ن إدارة السجون من ممارسة عباداتهم/ ن، وتمنع عنهم النوم الكافي والطعام والشراب والعلاج اللازم. كما تعيق السلطات زيارة المنظمات الدولية والحقوقية لبعض السجون، وتمنع ذوي المعتقلين/ ات من زيارتهم/ ن أو التواصل معهم/ ن لفترات طويلة قد تمتد لسنوات.
منذ احتلالها لفلسطين عام 1948، أنشأت إسرائيل عشرات السجون ومراكز التوقيف. وتشير التقديرات إلى أن أكثر من مليون فلسطيني/ ة، بينهم/ ن عشرات الآلاف من الأطفال، تم اعتقالهم منذ عام 1967.
ورقة حقائق صادرة عن هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني
صحفية فلسطينية محررة: هكذا أذل الاحتلال الأسيرات في السجون
صفقة تبادل الأسرى بين حماس والاحتلال الإسرائيلي عام 2011، المعروفة بصفقة وفاء الأحرار، تضمنت إطلاق سراح 1027 أسيراً فلسطينياً مقابل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، الذي ظل أسيراً لنحو خمس سنوات.
خالدة جرار تتحدث للجزيرة نت عن معاناتها في العزل الانفرادي
رئيسة "بتسليم" تفصّل لـCNN أساليب التعذيب والانتهاكات ضد الفلسطينيين بسجون إسرائيل