هذه المقالة متاحة أيضًا بـ: Français (الفرنسية) English (الإنجليزية)
هذه المقالة متاحة أيضًا بـ: Français (الفرنسية) English (الإنجليزية)
في شهر رمضان، من لبنان إلى تونس، ومن سوريا إلى فلسطين، مروراً بالجزائر ومصر والمغرب، يتشارك مشاهدو التلفزيون في البلاد العربية المسلمة طقوساً شبه مقدسة، إذ تبثُّ القنوات التلفزيونية مسلسلاتٍ اُنْتِجت بشكل أساسي لكي تُعرَض خلال شهر الصيام.
يهيمن قانون المسلسلات على البيوت ويُستكمل الحديث عنها في الدردشات عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وعندما يحلّ الليل، وبعد تناول وجبة الإفطار التي تكون أشبه بعادة احتفالية، تنصُّ التقاليد في البلاد العربية على اجتماع العائلة بأسرها أمام الشاشة الصغيرة.
تدخل الأقنية التلفزيونية على مختلف أنواعها في سباق لجذب المتفرجين، مترافقاً مع عربدة إعلانية وارتفاع كبير في أسعار الإعلانات.
من جانب آخر تُلزَمُ مسلسلات رمضان باستيفاء مواصفات دقيقة يفرضها في أغلب الأحيان المنتجون أنفسهم، إذ يجب أن تحقق هذه المسلسلات التوافق بين الجميع، وبشكل أكثر وضوحاً، أن تكون مغلفة بطابع محافظ وأن تلتزم "بقواعد حسن اللياقة".
تتحمل النساء العبء الأكبر من هذه القيود المفروضة لأن تمثيلهن يأتي مليئاً بالأفكار النمطية المتعلقة بالجندر، وتُقدَم شخصيات مثل الزوجة والبنت والأخت والصديقة والجارة أو حتى الخطيبة بشكل غير مشرّف، كما يتعرضن لأنواع من العنف والإذلال والشتائم. لكن هذه السنة، كما تروي لنا مراسلات ميدفمينسوية في سوريا ولبنان ومصر وتونس، بدأت تظهر بعض الاستثناءات الطفيفة، بالإضافة إلى تيقظ النسويات، وعلى الأخص في الجزائر، للتنديد بالتحيز الجنساني الكامن في هذه الصور، يذكر أن المسلسل التونسي "رقوج" للمخرج عبد الحميد حصل على جائزة الإذاعة الوطنية لأفضل عمل درامي يقدم صورة إيجابية عن المرأة، بالإضافة إلى عدد من الجوائز الأخرى.
لكن تبقى المسلسلات الرمضانية موصومة بالضعف رغم بعض التقدم الذي يتجلى، على سبيل المثال، في شخصية نعمة في مسلسل "نعمة الأفوكاتو" (مصر)، وهي محامية محترفة تحظى بإعجاب الجميع، على عكس زوجها الذي يبدو رجلاً كسولاً وغيوراً من نجاحات زوجته؛ أو في شخصية صابرة في "باب الرزق" (تونس) وهي امرأة ريفية واجهت كل أنواع العقبات لتصبح مهندسة زراعية منخرطة في العمل ضمن سياق معادٍ للقيادة النسائية.
يتجلى الضعف في البنية السيئة للسيناريوهات، والحوارات السطحية، والأداء الذي يفتقر إلى الإتقان والأجواء التي تذكّرنا بمناخ السبعينيات، كل ذلك يؤثر سلباً على أفضل النوايا، وهي تحرير الشخصيات الرئيسية النسائية من هذه التمثيلات المتحيّزة والمليئة بالأفكار النمطية والتي تحوّل النساء إلى مجرد ضحايا.
ألفة بلحسين صحافية تونسية عَمِلَت مع الصحيفة التونسية اليومية La Presse منذ عام ١٩٩٠. بدأت تظهر مقالاتها في صحف دولية مثل Liberation، وLe Monde، وCourrier International، بعد اندلاع التظاهرات في عام ٢٠١١، وكان هذا بمثابة شهادة على خبرتها الواسعة كصحافية عملت في تونس خلال فترة حكم الرئيس بن علي وبعد سقوطه أيضاً. حصدت ألفة جائزة مركز المرأة العربية الأولى للصحافة في عام ٢٠١٣ لعملها الاستقصائي عن الزواج العرفي في تونس، والذي نُشر في La Presse. تساهم ألفة منذ عام ٢٠١٥ في موقع justiceinfo.net، وهو موقع إلكتروني متخصّص بالعدالة الانتقالية حول العالم. نشرت ألفة بلحسين مع هادية بركات كتاب تحت عنوان "ces nouveaux mots qui font la Tunisie " (هذه الكلمات الجديدة التي تصنع تونس)، و هو عبارة عن تحقيق معمق حول الانتقال السياسي في تونس بعد الثورة.
© 2023 ميدفيمينسوية - الشبكة المتوسطية للصحافة النسوية