هذه المقالة متاحة أيضًا بـ: English (الإنجليزية)
قد لا تشفي الرسائل أدناه وتعابير التضامن أي جرح أو توقف أي نزيف. لكنّها ستُحدث فرقاً، لا محالة. ولعلّ باسم يوسف أثبت أخيراً قوّة الكلمات، حين أطلّ في مقابلته الشهيرة مع بيرس مورغان، وساعد بأسلوبه الحذق والمميَّز في تغيير المعادلة، مُعيداً بسخريته من كوكب الظالمين شيئاً من الجديّة والوضوح.
نعم إذاً، للكلمة قوة. ففي البدء كان الكلمة، بالنسبة إلى المسيحيين، ويسوع هو الكلمة، وهو الثورة على كلّ هؤلاء الفريسيين والكهنة الذين تحكّموا بالعالم وفلسطين وبطشوا بالناس من على عروشهم البعيدة كل البعد عن قلوب الناس. لكن كما قام المسيح من الموت، ستقوم غزة من كومة الدمار واشتعال النيران. ستقف أولئك الأمّهات وقد أزلن القهر ليبدوَ الحبّ القوة الأعظم.
هنا، من سورية، أصواتٌ لنساء قاومن ولا يزلن، رغم معاناتهن من آثار الحرب التي لم تنتهِ فصولها ونتائجها بعد، لكنهنّ يلمسن اليوم آلام جاراتهن الفلسطينيات ويمددن إليهن أيديهن الجريحة أيضاً، لعلّ بضع كلماتٍ صادقة توقف سيل الدماء من الأيدي النازفة على الضفة الأخرى.
في سورية اليوم، ومنذ بداية الحرب على غزّة، يخرج كثرٌ من مخيّم فلسطين كل يوم، ويصرخون بملئ فمهم من بين الأنقاض. فالمخيّم ما زال عبارة عن أحجار مهدّمة، لكنّه، وللمفارقة ما برحَ ينبض بالحياة.
زينة شهلا صحافية سورية من اللواتي يشاركن في هذه المسيرات والوقفات. كل يوم، تصرخ مع رفاقها بكل ما أوتيت من قوّة بوجه الطغاة... تشارك زينة "ميدفيمينسوية" صوتها، وتقول:
"إنني أدرك تماماً أنّ ما نقوم به لا يتيح التغيير المطلوب، وأن الغزّاويات قد لا يتابعن وسائل التواصل أو الأخبار إذ لا كهرباء ولا وقود في القطاع، لكن رغم ذلك، نريد أن نقول لهن ولهم، نحن معكم ومعكن، وفي كل لحظة نشعر بكمٍّ هائل من الغضب والألم والقهر. لكن نحن أيضاً نتعلّم منكم ومنكنّ الكثير، عن أنفسنا، وعن الحق والباطل، وعن قضايانا التي لا بدّ سستثبت أحقيتها في نهاية المطاف".
أمّا الصحافية السورية لينا ديوب، فتستذكر مع صراخ كل أمّ، تلك الليلة التي تم فيها إنقاذ طفلها بأعجوبة بعد أن تسمّرت شظايا القذيفة في جسده الصغير فيما كانت الحرب في سورية في أوجها، وتروي لموقعنا:
"القتل المستمر بوحشية منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر، والإهمال العربي والدولي، يعزّزان عدم الثقة عندي بكل تلك الوثائق والاتفاقيات الدولية. إلى نساء غزّة أقول، أُشدّ على أيديكنّ، أيتها النساء اللواتي تشهدن هذا الخذلان وتقمن مجدّداً كل صباح لتحضّرن فطور أبنائكن وبناتكنّ وتحلمن بيوم جديد أخف وطأة، من دون ألم أو فقدان. أتساءل دوماً كيف حالكنّ وأطفالكنّ في المشافي الخارجة عن الخدمة... وأقارن ألمكنّ بألمي لأجد ألمي ضئيلاً، عناية الله وحدها ستتكفّل بكل شيء".
"مشاعري مرهقة واحساسي بالعجز واللاجدوى والقهر كبير، فأنا نازحة من الجولان السوري، واليوم أنا لاجئة في دولة أجنبية، عشتُ النزوح واللجوء، وعاصرت كل أكاذيب العالم بالسلم... أدرك جيداً ما تعيشه الفلسطينيات والغزاويّات"، تخبرنا آلاء محمد.
وتردف، "أرى تلك الأمّ تبحث عن أشلاء ابنها بين الموتى، وأرى ذلك الأب يلمّ بقايا طفلته، وأرى يوسف بشعره الأجعد ومحمّداً بشعره الأسود وفاطمة وبيسان... أسماء كثيرة تحيط بي... لكنني أعرف أيضاً أن للباطل جولة وللحقّ جولات".