هذه المقالة متاحة أيضًا بـ: Français (الفرنسية) English (الإنجليزية)
فريال لعلامي محللة سياسية ودكتورة في علم الاجتماع. لها العديد من المؤلفات والمقالات حول وضع النساء والحركات النسوية في المغرب العربي. ترى اليوم أنّ المطلب الأساسي هو أن يكون للمهاجرات وضع قانوني مستقل في فرنسا. في ما يلي مقابلة معها.
لا يبدو أنّ مشروع قانون الهجرة الذي أعلنت عنه الحكومة الفرنسية يأتي بأي جديد بشأن وضع المهاجرات والنساء المنحدرات من أصول مهاجرة. كيف تقرأين ذلك في هذه المرحلة؟
علينا التذكير أولاً بأن 52٪ من المهاجرين والمهاجرات القادمين حديثاً إلى فرنسا هن من النساء. يهدف مشروع القانون من بين عدّة أمور إلى تحقيق هجرة انتقائية. لا يتعلق الأمر فقط بغربلة أصحاب المهن "المهمة" فحسب، من أجل التنمية الاقتصادية (الأطباء والعاملون/ات في مجال تكنولوجيا المعلومات مثلاً)، بل أيضاً ما يسمى بالمهن المطلوبة. لا تستقطب مهن الرعاية هذه عادةً الباحثين والباحثات عن وظائف بسبب صعوبتها وانخفاض مستوى أجورها، غير أنّ النساء من البلدان الأكثر فقراً مطلوبات للعمل في هذا القطاع. تُبيّن حال الفليبينيات تأثير هذا الواقع حول العالم، إذ تعمل النساء القادمات من هذا البلد كمربّيات منزليات، وأحياناً يتم استغلالهن من قِبل العائلات الثرية في العديد من البلدان. ولكن لقاء أي ثمن؟ هن يتولّين رعاية أطفال ليسوا أطفالهن ويتركن ذويهن في بلادهن الأصلية من أجل العمل وإرسال ما يدّخرنه لإعالة أسرهن بأكملها. أجور متدنية وظروف عمل سيئة، هذا هو الواقع القاسي لمهن العناية الشخصية.
أجور متدنية وظروف عمل سيئة، هذا هو الواقع القاسي لمهن العناية الشخصية.
في ما يخص استيراد المهن التي تتطلب مهارات عالية، لا تدرك الدول الغنية التأثير المرتد الذي ينتج من ذلك. فعند حرمان السكان المحليين من الظروف المؤاتية للتنمية، ستتضاعف طلبات الهجرة من جرّاء تفقير النسيج الاجتماعي والاقتصادي.
بصرف النظر عن بعض المبادرات، لا سيما من قِبل عدد من الجمعيات، لا تُعدّ قضية حقوق النساء المهاجرات أولوية في فرنسا في النقاش العام حول الهجرة الذي يهيمن عليه اليمين واليمين المتطرف. كيف تفسرين هذا الغياب للصوت النسوي؟
بالنسبة إلى الحركة النسوية في فرنسا، يشكّل موضوع العنف ضد النساء أولوية وكذلك التمييز الاقتصادي، ولا سيما عدم المساواة في الأجور. بالنظر إلى قضية المهاجرات، هي تندرج بطبيعة الحال ضمن هاتين الأولويتين. وعلى الرغم من أنّ بعض الجمعيات (مثلAPEL-Egalité وRajfire) تطرح هذه القضية منذ سنوات عديدة إلى جانب مجموعات أخرى، إلا أن صداها لم يُسمع بشكل كافٍ. المطلب الأساسي هو ضمان وضع مستقل للمهاجرات مع الحق في العمل. في الواقع، نجد أن بعض هؤلاء النساء يقعن ضحايا للعنف أثناء استكمال إجراءات لمّ شمل الأسرة أو تسوية أوضاعهن في حال الزواج أو إبرام عقد مساكنة مدنية (PACS) مع رجل فرنسي أو أجنبي مقيم، وذلك نظراً لهشاشة أوضاعهن وإمكانية استخدام تصريح الإقامة كوسيلة لابتزازهن. وما لا تدركه هؤلاء النساء هو أن تعرّضهن للعنف قد يخوّلهن الحصول على حق الإقامة.
لا تزال النساء الجزائريات والمغربيات محكومات باتفاقيات ثنائية بين بلديهن وفرنسا. هل يمكن للدولة الفرنسية الحيد عن هذه الاتفاقيات وتطبيق القانون العام على النساء من هاتين الجنسيتين؟
فيما يخص النزاعات العائلية، إن القضاء ملزَم بالتقيّد بالقانون والأحكام الأوروبية. من هذا المنطلق، شهدت آثار الاتفاقات الثنائية تبدلاً بدورها، علماً أنها أكثر تقييدًا للنساء المغربيات. في حالات الطلاق مثلاً، تملك النساء سبلاً قانونية تحد من تبعات الحكم الصادر في الجزائر. ولكن المشكلة تكمن في أن مواردهن محدودة عامةً، ولا يمكنهن دائمًا الحصول على مشورة قانونية فعالة في وضع معقد مثل التنازع في الاختصاص القضائي والتعارض مع النظام العام الأوروبي. ونتيجة لذلك تنشأ آثار كبيرة تطال التزامات دفع النفقة بعد الطلاق.
ويتجلى ذلك بشكل صارخ في قانون المعاشات التقاعدية. لا نتحدث بما يكفي عن مدى تأثر المهاجرات برفع سن التقاعد.
أليس وضعهن في فرنسا في نهاية المطاف تكملة لممارسات التمييز وعدم المساواة المتواصلة التي تعاني منها النساء في هذين البلدين؟
أجل بالتأكيد. إذا نظرنا إلى البطالة على سبيل المثال، نجد أنّ النساء الأجنبيات المقيمات هن أكثر تضرراً من الرجال. فعدد النساء اللواتي يحملن تصاريح إقامة والمتأثرات بالبطالة هو ضعف عدد الرجال المتأثرين بها. ولهذا السبب، لا يمكن فصل هذه النضالات عن بعضها. من جهة، النساء المهاجرات معنيات بالدرجة الأولى بالنضالات الجارية في بلادهن الأصلية سعياً لتغيير القوانين التمييزية مثل قانون الأسرة الجزائري، كذلك في البلد المضيف من جهة أخرى حيث ثمة ضرورة لاحتواء محاولات الاستغلال التي تتعرّض لها المهاجرات. ويتجلى ذلك بشكل صارخ في قانون المعاشات التقاعدية. لا نتحدث بما يكفي عن مدى تأثر المهاجرات برفع سن التقاعد. والواقع هو أنهن يبدأن العمل في سن أكبر من المتوسط ولا تتأثر معاشاتهن التقاعدية بشكل كبير فحسب، بل هن يعانين كذلك من الإرهاق بسبب الأعمال الشاقة التي ينطوي عليها عملهن.