أثناء توجه الصحفية الكردية جيهان بلكين (28 عاماً) لتغطية الهجمات التي تشنها تركيا والفصائل المسلحة الموالية لها على سد تشرين، وقرقوزاق، ومدينة كوباني، استهدفتها طائرة مسيرة تركية ما أدى إلى وفاتها.
هذا الاستهداف ليس الأول من نوعه، إذ قُتل 28 صحفياً وصحفية خلال أكثر من 13 عاماً من الأزمة السورية(1)، من بينهم 8 صحفيات، في مناطق شمال وشرق سوريا، سواء من خلال استهداف مباشر من الطيران والمسيرات التركية أو نتيجة الهجمات التي شنتها الفصائل المسلحة وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
الصحفيات في خطر
عملت الصحفية جيهان بلكين لثماني سنوات في وكالة أنباء هاوار، وكانت من الصحفيات البارزات اللاتي تركن بصمتهن في الإعلام الكردي، وغطت الهجمات التركية وداعش على شمال وشرقي سوريا، بالإضافة إلى قضايا المرأة.
تتحدث الإدارية في وكالة أنباء هاوار آرين سويد لـ "ميدفيمنسوية" بحزن شديد قائلة: "كان قلب الزميلة جيان ينبض بالحياة والحبّ، كانت فتاة شجاعة وشغوفة، لذلك جاءت من تركيا إلى شمال شرق سوريا لتمارس المهنة التي تحبها، ولأنها كانت تؤمن بثورة "روج آفا"(2) وثورة المرأة في سوريا. كتبت عشرات المقالات والتقارير الإعلامية بهذا الصدد، كانت تريد أن تساهم في إيصال حقيقة المنطقة للعالم"، تختتم آرين قائلة: " كان لجيان أحلام وأهداف كبيرة لكنها استشهدت قبل أن تحققها جميعاً".
وبحسب آرين، كان للإعلاميات في شمال وشرق سوريا دور كبير في نقل الحقائق المخفية، موضحة أن عدد الإعلاميات في وسائل الإعلام العاملة في هذه المناطق يفوق عدد الإعلاميين، وأن هناك وسائل إعلامية متخصصة بالمرأة.
يُذكر أن اتحادات ونقابات ومنظمات كردية وعربية ودولية ادانت استهداف الصحفييْن جيهان بلكين وناظم داشتان واصفة الهجوم بجريمة حرب. ومع ذلك، ترى آرين سويد بأن البيانات الصادرة عن هذه النقابات والاتحادات الصحفية لا تكفي للحد من المخاطر التي تتعرض لها الصحفيات، وأكدت أن الأمر يتطلب موقفاً موحداً على المستويات السورية، الإقليمية، والدولية للتصدي لهذه الانتهاكات وحماية الصحفيات.
"تهمة" الصحفيات هي كشف الحقيقة
من جهتها، أدانت الصحفية الكردية المختصة بشؤون الإرهاب لامار أركندي بشدة عملية اغتيال الصحفيين/ات.
تقول أركندي: " تتغاضى الدولة التركية عن المبادئ الإنسانية الأساسية في الحروب، ومن خلال هجماتها المتكررة على المنطقة، تستهدف الصحفيين والصحفيات بالطائرات المسيرة أو عبر القصف المدفعي".
فيما أشارت الإعلامية بيريفان خليل على أن الصحفيات الكرديات يواجهن آلات القتل والإبادة، لأنهن يعملن على تعرية الحقائق ونقل الأحداث والوقائع للرأي العام. وأكدت أن هذه الاستهدافات تدل على وجود عملية ممنهجة ضد الإعلام النسويّ بشكل خاص. تقول بيريفان: "إنهم يعلمون أن المرأة الإعلامية تمتلك إرادة قوية، وتصرّ على نقل الحقائق وتحمّل المصاعب دون خوف. وكان استشهاد الزميلة جيهان صدمة لنا، إذ ساهمت بشكل كبير في كشف الحقيقة، خصوصاً فيما يتعلق بالدولة التركية التي ارتكبت جريمة اغتيالها".
وتشدد بيرفيان على أن الأمر لا يقتصر على استهداف الصحفيات الكرديات فقط، بل تم استهداف الصحفيات في معظم المدن السورية خلال الأزمة السورية، تتابع: "ما زالت بعض الصحفيات يعملن في الخفاء خوفاً من الاستهداف أو التعرض للمضايقات والتهديدات والانتهاكات".
وبحسب الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان قُتِل نحو 717 من الصحفيين/ات والعاملين/ ات في مجال الإعلام منذ آذار 2011 وحتى 2024، بينهم 53 بسبب التعذيب على يد أطراف النزاع والقوى المسيطرة في سوريا.
من جهتها، تقول آرين سويد: "تواجه الإعلاميات بشكل خاص المخاطر والتهديدات المباشرة التي تتعرض لها المنطقة من تركيا والفصائل المسلحة الموالية لها والتنظيمات الإرهابية، بما في ذلك تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). وفي هذا السياق، أود أن أذكر استهداف طاقم تلفزيون المرأة JIN TV، حيث تعرضت مراسلة القناة للاستهداف المباشر وفقدت ذراعها جراء الهجوم ".
وكانت جيهان قد غطت حملة تحرير مدينة الرقة من مرتزقة داعش، والتي كانت معقلاً لمرتزقة داعش وعاصمته المزعومة، وقالت بحسب وكالة أنباء هاوار: "مشاركتي في الحملة هي لتسليط الضوء على النضال الذي تخوضه قوات سوريا الديمقراطية ومقاتلات وحدات حماية المرأة في تخليص النساء الإيزيديات اللواتي كن يُبعن في أسواق النخاسة، وتحرير الشعب من ظلم وبطش داعش".