هذه المقالة متاحة أيضًا بـ: Français (الفرنسية)
في القرى والأرياف، تتفتح الحكايا في حنايا الجبال وفي أعماق الليل. هي قصص لا صدى لها، صامتة وغير مرئية: ذلك أن العالم الريفي مبني على الهامش، وفي ظل المدينة. مع ذلك، فإن قصص الحياة فيه تفيض بالغنى. فالمرأة القروية تبدو بشكل خاص أشبه بصندوق حكايا مغلق، لكنه غنيّ بما فيه من تعاليم ومن حكمة.
بهذه الطريقة يقوم مشروع 99 امرأة بجني حكايات نساء الأرياف من أجل جمعها على شكل مونولوغات وبغاية تأليف مسرحية تستطيع السفر إلى عدة قرى ضمن مهرجان ايفالان. فالمهرجان يجعل نساء القرى ينخرطن في مسار إبداعي يرمي إلى مشاركة التجارب وإبراز الدور المركزي الذي تحتله تلك النساء في المجتمع المحلي.
99 امرأة في العالم: ولادة فكرة
مشروع 99 كما تصورته جونفييف فلافين يتأسس على ممارسة كتابة وثائقية وتشاركية تنخرط فيها مجموعات من الأفراد من أجل التشارك في كتابة قصص متجذرة في الواقع. وُلد المشروع في عام 2015 مع إطلاق مسرحية 99 امراة، وهي مسرحية تم تحضيرها في شنغاني وتدور حول قضايا النساء. قُدّمت بثلاث لغات مع مئة وثلاثين مشاركة من الصين وفرنسا والعالم بأسره.
بعدها، نُظّمت عشرات المشاريع المشابهة وتناولت مواضيع أخرى في مناطق مختلفة كأمريكا الشمالية وأوروبا والشرق الأوسط. وكان المشروع في كل بلد ملائم لسياقه ويكتسب شكلاً فريداً من نوعه.
في المغرب، ارتبط مشروع 99 امرأة بجمعية القرية المفتوحة في المغرب Open Village Maroc ، وهي جمعية تسعى إلى إبراز دور النساء في البلد ومكانتهن. والفكرة الأساسية كانت مواكبة الاستقلالية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للنساء القرويات المغربيات.
قراءة كلمات أولئك النساء يعني أن أجد جدتي مرة أخرى وأستعيد واقع حياتها بين السطور
تحقيق التقاطع بين القصص
بعد جمع حكايات نساء القرى، عُهد بهذه النصوص إلى نساء من المدينة لكي يعدن كتابتها ويؤلّفن المسرحية. ضمّت ورشات الكتابة هذه مجموعة من النساء من سكان المدينة منهن فنانات ومديرات وسيدات أعمال مغربيات انخرطن في عمليات التدوين والترجمة والإعداد. أما النصوص التي تمت ترجمتها من اللغة البربرية إلى الفرنسية وإلى اللغة الدارجة فقد خضعت في بعض الأحيان إلى الإضافة والتوسيع.
في تمرين إعادة الكتابة هذا، حقّقت نساء المدينة التقاطع بين قصص النساء الريفيات وقصصهنّ الخاصة. وهكذا، ما بين عمليات الترجمة وإعادة الكتابة، أضيفت طبقات كثيفة من السرد على امتداد الحكايات التي تتلاقى وتتضافر.
صحيح أن تفاصيل العيش تختلف بين المكانين، لكن التجارب والمشاعر تظل كونية. فالقصص تتلاقى فيما بينها "قراءة كلمات أولئك النساء يعني أن أجد جدتي مرة أخرى وأستعيد واقع حياتها بين السطور، كما أسرّت لنا كنزة أبو رامان، إحدى المشاركات في محترفات الكتابة. "لقاؤنا الأسبوعي واجتماعنا كنساء من المدن لنناقش نصوص نساء من القرى سمح لنا أن نقوم بشيء يشبه جلسات العلاج. كان ذلك بمثابة تطهير. فمن خلال كلماتهنّ، كنا نكشف الأجزاء الأكثر حميمية من أنفسنا"، تضيف كنزة.
إيفالان: مهرجان يحمل المدينة إلى الريف
يحمل المهرجان اسم إيفالان وهي كلمة تعني "الخيط" باللغة الأمازيغية. وبذلك، يكون الاسم شبيهاً بالمشروع الذي رمى إلى نسج الخيوط لربط أواصر العلاقات. يتمحور المهرجان بشكل أساسي حول المسرحية التي تمثّلها نساء القرية. كما أنه يمتد ضمن برمجة واسعة المدى تتضمن الأناشيد والتطريز والألعاب ووجبات طعام فيها الكثير من الترحاب.
المهرجان كان متنقلاً يدور في جولة تشمل تسع قرى من المغرب: آيت بن حدو، ساكورا، أكادير لهنا، تاماروت، براشوة، تيميت، فيراها، مقريسيت، وتيزي نوشك، ويستمر من 14 أيار/مايو حتى 16 تموز/ يوليو.
يحتفي مهرجان إيفالان بنساء القرى إذاً. يتيح الفرص للجميع للذهاب للقائهنّ واكتشاف مهاراتهنّ عن قرب. أما جميع العائدات التي تُجمع، فتعود مباشرة لصالح النساء الريفيات والمجتمع الزراعي الذي ينحدرن منه ويستثمرن جهودهن فيه.