• it VO
  • fr Français
  • en English
  • ar العربية
من نحن
  • تحقيقات
    • جميع المواد
    • تقاريرنا
    • حول العالم
    • ملفّاتنا
    في منطقة البحر الأبيض المتوسط: الحقوق والحريات الجنسية والإنجابية تحت الضغط

    في منطقة البحر الأبيض المتوسط: الحقوق والحريات الجنسية والإنجابية تحت الضغط

    في المغرب: 600 حالة إجهاض يوميًا.. أرقام مقلقة وقصص مأساوية

    في المغرب: 600 حالة إجهاض يوميًا.. أرقام مقلقة وقصص مأساوية

    نيبال الهسي: أمّ بلا يدين تحارب لتستعيد ابنتها وحياتها في غزة

    نيبال الهسي: أمّ بلا يدين تحارب لتستعيد ابنتها وحياتها في غزة

    صربيا: هل وسائل منع الحمل رفاهية أم حق أساسي من حقوق الإنسان؟

    صربيا: هل وسائل منع الحمل رفاهية أم حق أساسي من حقوق الإنسان؟

    العناق الأول: نساء غزة يستقبلن أبناءهن وأزواجهن المحرَّرين

    العناق الأول: نساء غزة يستقبلن أبناءهن وأزواجهن المحرَّرين

    المواضيع

    • فنانات
    • النسوية الإيكولوجية
    • نساء تعشن في الشارع وتعتَشن منه
    • المرأة والجسد
    • المرأة والرياضة
    • النساء و السينما
    • مسلسل رمضان
    • النساء والحرب
    • نساء على الهوامش
    • حرية الصحافة من وجهة نظر صحافيات
    • فقر الدورة الشهرية
    • النساء و السجن
    • نساء ريفيات
    • البيوت الآمنة
    • العبور
    • إجهاض وحقوق جسدية
  • تحركات
    ورشة بستنة نسوية ضمن حملة ال 16 يومًا في القاهرة

    ورشة بستنة نسوية ضمن حملة ال 16 يومًا في القاهرة

    "ليه يا ماما شكلي هيك؟": كيف مزّقت الصدمات النفسية صحة أطفال ونساء غزة؟

    "ليه يا ماما شكلي هيك؟": كيف مزّقت الصدمات النفسية صحة أطفال ونساء غزة؟

    ابتزاز النساء في مخيمات غزة: تصاعد العنف القائم على النوع الاجتماعي

    ابتزاز النساء في مخيمات غزة: تصاعد العنف القائم على النوع الاجتماعي

    "سمّوها_صح": حملة لتعديل قانون الجرائم الجنسية في لبنان

    "سمّوها_صح": حملة لتعديل قانون الجرائم الجنسية في لبنان

  • شخصيّات
    صوفي بسيس: الجسد هو أطول معارك النساء في الجنوب العالمي

    صوفي بسيس: الجسد هو أطول معارك النساء في الجنوب العالمي

    طالبة من غزة: "درستُ تحت القصف... ونزحت بحلمي"

    طالبة من غزة: "درستُ تحت القصف... ونزحت بحلمي"

    فاطمة أبو صليح: بطلة الظلّ في غزة

    فاطمة أبو صليح: بطلة الظلّ في غزة

    "أمي، بابا، احكيولي على الخصوصية": كتاب تونسي للأطفال للتوعية ضد العنف الجنسي

    "أمي، بابا، احكيولي على الخصوصية": كتاب تونسي للأطفال للتوعية ضد العنف الجنسي

  • إنتاجات
    • جميع المواد
    • بصريّات
    • كتب وأفلام
    من غزة إلى فينيسيا: صوت الطفلة هند رجب يخلّد للأبد

    من غزة إلى فينيسيا: صوت الطفلة هند رجب يخلّد للأبد

    مريم بريبري: اللباس التقليدي التونسي في مواجهة الرأسمالية

    مريم بريبري: اللباس التقليدي التونسي في مواجهة الرأسمالية

    مسرح من أجل العدالة: إيمان بلّان تدافع عن النساء من على الخشبة

    مسرح من أجل العدالة: إيمان بلّان تدافع عن النساء من على الخشبة

    "إخواتي" و"لام شمسية": نساء خارج قوالب الدراما العربية

    "إخواتي" و"لام شمسية": نساء خارج قوالب الدراما العربية

  • آراء
    سوريا: الكوتا النسائية ضرورة ديمقراطية لا "نسونجية"

    سوريا: الكوتا النسائية ضرورة ديمقراطية لا "نسونجية"

    من يسأل عن أحوال النساء في الشرق الأوسط؟

    من يسأل عن أحوال النساء في الشرق الأوسط؟

    نساء غزة يعشن أسوء كوابيسهن..."أريد أن أعود لحياتي ما قبل الحرب، لخصوصيتي وبيتي"

    نساء غزة يعشن أسوء كوابيسهن..."أريد أن أعود لحياتي ما قبل الحرب، لخصوصيتي وبيتي"

    رسائل تحت القصف… أن تفقد أمٌّ أبناءها الستة دفعة واحدة؟ (10)

    رسائل تحت القصف… أن تفقد أمٌّ أبناءها الستة دفعة واحدة؟ (10)

  • ميديا
    ديالا الهنداوي « أريد أن أرى منزلي في دمشق! »

    ديالا الهنداوي « أريد أن أرى منزلي في دمشق! »

    فقر الدورة الشهرية في مونتينيغرو

    فقر الدورة الشهرية في مونتينيغرو

    فقر الدورة الشهرية في فرنسا (1)

    فقر الدورة الشهرية في فرنسا (1)

    فقر الدورة الشهرية في إيطاليا

    فقر الدورة الشهرية في إيطاليا

  • سياقات الدول
No Result
View All Result
بلوغ
Medfeminiswiya
  • تحقيقات
    • جميع المواد
    • تقاريرنا
    • حول العالم
    • ملفّاتنا
    في منطقة البحر الأبيض المتوسط: الحقوق والحريات الجنسية والإنجابية تحت الضغط

    في منطقة البحر الأبيض المتوسط: الحقوق والحريات الجنسية والإنجابية تحت الضغط

    في المغرب: 600 حالة إجهاض يوميًا.. أرقام مقلقة وقصص مأساوية

    في المغرب: 600 حالة إجهاض يوميًا.. أرقام مقلقة وقصص مأساوية

    نيبال الهسي: أمّ بلا يدين تحارب لتستعيد ابنتها وحياتها في غزة

    نيبال الهسي: أمّ بلا يدين تحارب لتستعيد ابنتها وحياتها في غزة

    صربيا: هل وسائل منع الحمل رفاهية أم حق أساسي من حقوق الإنسان؟

    صربيا: هل وسائل منع الحمل رفاهية أم حق أساسي من حقوق الإنسان؟

    العناق الأول: نساء غزة يستقبلن أبناءهن وأزواجهن المحرَّرين

    العناق الأول: نساء غزة يستقبلن أبناءهن وأزواجهن المحرَّرين

    المواضيع

    • فنانات
    • النسوية الإيكولوجية
    • نساء تعشن في الشارع وتعتَشن منه
    • المرأة والجسد
    • المرأة والرياضة
    • النساء و السينما
    • مسلسل رمضان
    • النساء والحرب
    • نساء على الهوامش
    • حرية الصحافة من وجهة نظر صحافيات
    • فقر الدورة الشهرية
    • النساء و السجن
    • نساء ريفيات
    • البيوت الآمنة
    • العبور
    • إجهاض وحقوق جسدية
  • تحركات
    ورشة بستنة نسوية ضمن حملة ال 16 يومًا في القاهرة

    ورشة بستنة نسوية ضمن حملة ال 16 يومًا في القاهرة

    "ليه يا ماما شكلي هيك؟": كيف مزّقت الصدمات النفسية صحة أطفال ونساء غزة؟

    "ليه يا ماما شكلي هيك؟": كيف مزّقت الصدمات النفسية صحة أطفال ونساء غزة؟

    ابتزاز النساء في مخيمات غزة: تصاعد العنف القائم على النوع الاجتماعي

    ابتزاز النساء في مخيمات غزة: تصاعد العنف القائم على النوع الاجتماعي

    "سمّوها_صح": حملة لتعديل قانون الجرائم الجنسية في لبنان

    "سمّوها_صح": حملة لتعديل قانون الجرائم الجنسية في لبنان

  • شخصيّات
    صوفي بسيس: الجسد هو أطول معارك النساء في الجنوب العالمي

    صوفي بسيس: الجسد هو أطول معارك النساء في الجنوب العالمي

    طالبة من غزة: "درستُ تحت القصف... ونزحت بحلمي"

    طالبة من غزة: "درستُ تحت القصف... ونزحت بحلمي"

    فاطمة أبو صليح: بطلة الظلّ في غزة

    فاطمة أبو صليح: بطلة الظلّ في غزة

    "أمي، بابا، احكيولي على الخصوصية": كتاب تونسي للأطفال للتوعية ضد العنف الجنسي

    "أمي، بابا، احكيولي على الخصوصية": كتاب تونسي للأطفال للتوعية ضد العنف الجنسي

  • إنتاجات
    • جميع المواد
    • بصريّات
    • كتب وأفلام
    من غزة إلى فينيسيا: صوت الطفلة هند رجب يخلّد للأبد

    من غزة إلى فينيسيا: صوت الطفلة هند رجب يخلّد للأبد

    مريم بريبري: اللباس التقليدي التونسي في مواجهة الرأسمالية

    مريم بريبري: اللباس التقليدي التونسي في مواجهة الرأسمالية

    مسرح من أجل العدالة: إيمان بلّان تدافع عن النساء من على الخشبة

    مسرح من أجل العدالة: إيمان بلّان تدافع عن النساء من على الخشبة

    "إخواتي" و"لام شمسية": نساء خارج قوالب الدراما العربية

    "إخواتي" و"لام شمسية": نساء خارج قوالب الدراما العربية

  • آراء
    سوريا: الكوتا النسائية ضرورة ديمقراطية لا "نسونجية"

    سوريا: الكوتا النسائية ضرورة ديمقراطية لا "نسونجية"

    من يسأل عن أحوال النساء في الشرق الأوسط؟

    من يسأل عن أحوال النساء في الشرق الأوسط؟

    نساء غزة يعشن أسوء كوابيسهن..."أريد أن أعود لحياتي ما قبل الحرب، لخصوصيتي وبيتي"

    نساء غزة يعشن أسوء كوابيسهن..."أريد أن أعود لحياتي ما قبل الحرب، لخصوصيتي وبيتي"

    رسائل تحت القصف… أن تفقد أمٌّ أبناءها الستة دفعة واحدة؟ (10)

    رسائل تحت القصف… أن تفقد أمٌّ أبناءها الستة دفعة واحدة؟ (10)

  • ميديا
    ديالا الهنداوي « أريد أن أرى منزلي في دمشق! »

    ديالا الهنداوي « أريد أن أرى منزلي في دمشق! »

    فقر الدورة الشهرية في مونتينيغرو

    فقر الدورة الشهرية في مونتينيغرو

    فقر الدورة الشهرية في فرنسا (1)

    فقر الدورة الشهرية في فرنسا (1)

    فقر الدورة الشهرية في إيطاليا

    فقر الدورة الشهرية في إيطاليا

  • سياقات الدول
من نحن
Medfeminiswiya
من نحن

عاملات نقش الحرقوس في تونس: "نعيش في مجتمع لا يرانا ولا يشعر بنا"

تعاني العاملات في مهنة نقش الحرقوس في تونس من رفض اجتماعي وملاحقات أمنيّة، ورغم ارتباط هذه المهنة بالتراث التونسي إلّا أنها لم تُمنح الرعاية الكافية من قبل الحكومة، فتواجه العاملات في الشارع انتهاكات شتى بالإضافة إلى وضعٍ اقتصادي مزري.

سناء عدوني سناء عدوني
11 أكتوبر 2024
في تحقيقات, ملفّاتنا
69 1
1
Share on FacebookShare on Twitter

هذه المقالة متاحة أيضًا بـ: Français (الفرنسية) English (الإنجليزية)

في قلب مدينة المنستير التونسية، وعلى مفترق طرق في شارع القيروان يتسم بزحمة كبيرة، تجلس "الدكتورة سميرة" كما تُلقب، على كرسيها المتحرك، تلتقط المارة من النساء والرجال مغرية إياهم بخدمات عجيبة يعجز عن تقديمها الأطباء التقليديون.

هي ليست طبيبة بمعطف أبيض وسماعة، بل طبيبة في شوارع المدينة، تعالج هموم الناس، تمتهن نقش الحرقوس وقراءة الكفّ والطالع واستخدام أوراق الكوتشينة وبن القهوة لقراءة الحظ وكشف الأسرار الغامضة، إلى جانب كومة من المناديل الورقية التي تبيعها بحرفية للتسول.

تقاطعات الفنّ والتنجيم

"الدكتورة سميرة" , صورة سناء عدوني

تنتعش جلسات سميرة بقدوم النساء الراغبات في الحصول على خدماتها الزخرفية ، يأتي البعض لنقش الحرقوس، تلك الحرفة التي تحافظ على جمال التقاليد، ويتكون الحرقوس من مسحوق حناء ومواد نباتية تُخلط مع الماء أو سوائل أخرى، بالإضافة إلى مواد عطرية كالقرنفل وأعشاب العفص والحديدة، وزيوت تعزز اللون وتحسّن جودة النقوش، ويتطلب تحضيره وقتاً طويلاً، حيث يتم إعداده باستخدام (زليزية) وهي علبة فخارية لطهي الحرقوس على نار هادئة فوق الكانون وهو موقد صغير.

ليس الحرقوس السبب الوحيد للجوء النساء إلى سميرة، إذ تلجأ أخريات إليها طلباً للمساعدة في فكّ السحر أو التخفيف من أثر "التابعة"، والتابعة في الاعتقاد الشعبي هي كائن غير مرئي قد يؤثر سلباً على حياة الإنسان، وهي من المخاوف التي تتغلغل في نفوس الكثيرات داخل الأوساط الشعبية.

وسواء كان الغرض تسهيل الزواج أو حلّ مشكلة غامضة، فإن سميرة تجيب طلباتهن بملامح هادئة ويدين متمرستين، ويتخلل عملها طقسٌ معيّن، إذ تُهيئ زبائنها لاستقبال تلك النصائح المستوحاة من عمق الموروث الشعبي. تحظى هذه الأفكار بشعبية واسعة، بخاصة في الأوساط التي ما تزال تعتقد في قوة ممارسات السحر والغيب وتأثيرها.

يُعتبر الحرقوس امتداداً وتطوراً لمهنة الحنانة القديمة، التي كانت تمارسها النساء في تونس عبر التاريخ والتي تشمل تزيين النساء ونقش الحناء، لم تكن الحنانة مجرد حرفة لتزيين النساء بنقوش الحناء التقليدية في المناسبات الاجتماعية مثل الأعراس، بل كانت أيضاً تعبيراً عن الثقافة والهوية، ومع تطور هذه المهنة، جاء الحرقوس الذي عزز معتقد أن هدف الزخارف يتخطى الزينة إلى تعزيز حظ المرأة وجاذبيتها، فالنقوش والزخارف التي تُرسم على جسم المرأة تحمل أبعاداً رمزية تعود إلى الثقافة التونسية العريقة، بعض هذه الرموز مستوحاة من العهد القرطاجي وصورة الآلهة (تانيت)، رمز الخصوبة والحماية.

مهنة ضاربة في عمق التاريخ

في السابق كانت ممارسة الحنانة في تونس مقتصرة على النساء ذوات البشرة السوداء، أو ما كان يُعرف بـ "الخدم"، فلم تمارس النساء "الأحرار" من طبقات المجتمع العليا الحنانة، وهذا ما جعلها مهنة طبقية تُجسّد أشكال العبودية والغبن الاجتماعي، فهي تُرسخ الفوارق الطبقية، وتُظهر التمييز بين النساء وفق عرقهن ووضعهن الاجتماعي.

تقول الدكتورة في علم الاجتماع والناشطة النسوية والنقابية، درة محفوظ: ''مهنة الحرقوس هي امتداد لمهنة الحنانة، شملت في الماضي مهام أخرى مثل فحص "عذرية" العروس المستقبلية ما أضفى على هذه المهنة تاريخياً وفي المخيال الشعبي وصمة عار مرتبطة بالبغاء، خاصة عندما انتقلت ممارستها من فضاء الأعراس الخاص إلى فضاء الشارع العام، وعلى الرغم من تطور هذه المهنة واسهاماتها في القطاع السياحي والطلب عليها في الفنادق إلاّ أنها بقيت محل ازدراء."

أمّا سميرة فتصف عملها قائلة: "هذه الحرفة هي حياتي، أنا لا أملك إلاّ أصابعي وهي أدواتي الوحيدة التي أقدم بها الخدمات لزبوناتي أما القبول فهو من الله، فالله منحني نوعاً من القبول، جعلني الأكثر استقطاباً للزبائن رغم كثافة العرض".

وتشير سميرة إلى أن خبرتها الطويلة في هذه المهنة هي عُصارة تجربة فاقت الأربعين سنة من العمل المضني في الشارع الذي يمثل مصدر رزقها وحضناً يحتويها، فهو المكان الوحيد الذي يقبلها رغم قسوته حسب تعبيرها.

ملجأ روحاني للنساء

واجهت سميرة صعوبات كبيرة أثناء ممارستها عملها في الشارع، فلم يكن لها مكان ثابت، تقول فاتن إحدى زبوناتها الوفيّات: "أواظب على زيارة سميرة كلّ أسبوع، أحياناً لنقش الحرقوس والأغلب لقراءة الطالع وتخفيف آثار العين والحسد". تؤكد فاتن أن كلّ ما تقوله سميرة يحدث فعلاً وهي تثق بها وتشعر بالراحة في التعامل معها.

وتروي سميرة عيّنة من هذه الصعوبات بقولها: ''كنت أنتقل من مكان إلى آخر بسبب النزاعات المستمرة مع زميلاتي من ممارسات مهنة الحرقوس. إحدى أبرز تلك المشاجرات كانت مع "المعلمة" لطيفة، وهي مُشرفة على مقام (سيدي علي المازري)، وهو مزار ديني في محافظة المنستير، والتي طردتني من ذلك الموقع الذي كان يستقطب الزوار والحجاج والسياح لقيمته الروحية والثقافية.''

بالنسبة للكثيرات، لقاء سميرة ليس مجرد زيارة عابرة، بل هو أمل في الفرَج والمستقبل، لتمتزج الحكمة الشعبية بعبق رائحة الحرقوس والقهوة.

تتميز سميرة في تقديم خدماتها، فتستقبل النسوة الراغبات بقراءة الكف بابتسامة غامضة توحي بمعرفتها بما يردن، وبيدين منبسطتين، تفتح الكفَّ بلطف وتبدأ في قراءة تلك الخطوط الدقيقة التي تراها كخريطة لحياة المرأة، حيث تبحر بين تفاصيل الماضي وأسرار المستقبل، تحدّثها عن المكتوب، عن القدر الذي لا مهرب منه، وعن مسار الزواج الذي قد يكون وشيكاً أو ما يزال بعيداً. أمّا إذا كان الطلب نقش الحرقوس، تتحول حركات سميرة إلى مسرحية تجذب الأنظار، حيث تطلق يديها وتبدأ بتجهيز عجينتها السوداء وتمسك بإبرة نقش الحرقوس بيد واثقة، تغمسها في العجينة ببطء، ثم تحنّي رأسها قليلاً لتبدأ بإنشاء الأنماط المعقدة على يد المرأة أو قدمها.

"هذه الحرفة هي حياتي، أنا لا أملك إلاّ أصابعي وهي أدواتي الوحيدة التي أقدم بها الخدمات لزبوناتي"

الملاحقة الأمنية والوصم: تحديات يومية

في العاصمة تونس، تواجه محترفات الحرقوس تحديات جمّة. يجلسن على مقاعد صغيرة وغير مريحة، بلا مسند ظهري، لساعات طويلة على طول رصيف (نهج شارل ديغول). تبدو ملامحهن متعبة وملابسهن رثة، ملوثةً ببقع سوداء نتيجة عملهن مع عجينة الحرقوس. يمددن أيديهن وأناملهن الملطخة باللون الأسود، داعياتٍ المارة لتجربة نقش الحرقوس. تعكس هذه الصورة الهشاشة التي تكتنف تفاصيل عملهن، ابتداءً من وضعهن المجهد إلى لافتات العرض البالية.

تساهم الضغوط المالية في تفاقم تحديات هؤلاء النساء، إذ يصعب عليهن تأمين المال اللازم لشراء معدات الحرقوس ذات الجودة العالية، فيجبرن على استخدام الحرقوس المعلب، الذي يفتقر غالباً إلى الجودة. وبحسب قولهن عندما جربن نقش الحرقوس المعلب، فوجئن بعدم ملاءمته للجلد، حتى رائحته كانت غير متوقعة، ما أثار مخاوفهن من تأثيره السلبي على الصحة.

فضلاً عن ذلك، يراقب رجال الشرطة عاملات الحرقوس ويتعقبنهنَّ بسبب عملهن غير المرخص، كما يعانين من الوصم الاجتماعي، فيتعرضن لنظرات احتقار وتحرش وعنف من بعض الجيران والمارة. تجلّى ذلك بوضوح عندما استفسرنا من بائع قريب من مواقع عمل محترفات الحرقوس، الذي عبّر عن استيائه قائلاً: "مشهد مزعج للغاية، أن ترى امرأة تمدُّ قدمها في الشارع أمام محترفة حرقوس للنقش".

أمام أحد المتاجر وسط الشارع تضع حياة كرسياً حيث تعمل، وهي أمّ لطفل، عمرها ثلاثة وثلاثون عاماً، منفصلة عن زوجها وتعيش في منزل مستأجر في حي الملاسين، أحد الأحياء الشعبية الفقيرة، برفقة شقيقتها وابنها.

تعمل حياة في الركن ذاته طوال النهار، وحينما يأتي وقت الغداء تدخل زاوية بين الباب والمخرج لتتناول وجبتها، تواجه حياة خلال أيام عملها الكثير من الصعوبات، كسماع الكلمات البذيئة، وسرقة معدات العمل، والمشاجرات المستمرة مع زميلاتها على أماكن الجلوس، كما تزداد هذه المشكلات في المواسم السياحية التي تشهد فيها خدماتهن إقبالاً أكبر.

ووفقاً للتعداد السكاني لعام 2014، تشتغل نحو 306 ألف امرأة في تونس في الاقتصاد غير الرسمي، وهو ما يعادل حوالي 32.5% من إجمالي القوى العاملة في البلاد. وحسب دراسة بعنوان "سوق نهج إسبانيا أو منهاج الاقتصاد الشارعي في تونس (مقاربة سوسيو أنثروبولوجية)* التي أنجزها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية سنة 2022، فإن الغالبية العظمى من العاملات في الاقتصاد غير الرسمي ينتمين إلى خلفيات فقيرة، ويعملن في ظروف صعبة للغاية، كساعات العمل الطويلة والأجور المنخفضة، وهنّ محرومات من أي نوع من الدعم الاجتماعي أو الوصول إلى النظام المصرفي الرسمي، بالإضافة إلى الأدوار التقليدية التي تُحمّل النساء عبء العمل المنزلي غير مدفوع الأجر إلى جانب وظائفهنّ في الشارع.

الانتقال إلى بدائل مؤقتة في الشتاء

حياة، حبيبة، ومليكة، ثلاث نساء التقتهن ميدفمنسوية ويُقِمن في أحياء شعبية فقيرة، وهي الملاسين وسيدي حسين وحي هلال. يواجهن صعوبات مزدوجة، أولاً العمل في قطاعٍ غير منظم وثانياً دخولهن مساحات يسيطر عليها الرجال.

تقول مليكة: "في الشتاء، تقسو علينا الحياة أكثر من أي وقت آخر، فلا يأتي أحد لنقش الحرقوس عندما تعصف الرياح والأمطار، الحرقوس حرفة صيفية لذلك أضطر للعمل في تنظيف المنازل، لكن الأجر بالكاد يكفي لشراء القوت اليومي، أحياناً أعود إلى المنزل يائسة، لكني أعلم أني لا أملك خياراً آخر، نعيش على الهامش، في مجتمع لا يرانا ولا يشعر بنا."

أمّا بديل حبيبة الشتوي فكان صالونات التجميل، تقول: "عندما يبرد الطقس وتتوقف حركة السوق، أترك نقش الحرقوس وأتوجه للعمل في صالونات الحلاقة النسائية، لكن ليس كمصففة شعر محترفة، بل أقدم خدمات إزالة الشعر بالسُكر، أعمل بالقطعة، دون عقد أو حماية، وأتقاضى أجري فقط على ما أنجزه في اليوم. النساء يأتين إلى الصالون لتجميل أنفسهن، بينما أعمل لساعات طويلة ويداي غارقتان في عجينة السكر الساخنة''.

تدفع هؤلاء النساء ثمناً باهظاً نتيجة عملهن، فيواجهن العنف، النبذ، الطرد، وتكسير المعدات، وهذا ما تعرضت له حياة بالفعل بعد اعتداء أحد الباعة عليها وعلى معداتها حيث قام بكسر كرسيها وأدوات الحرقوس الخاصة بها، وقطع لافتة العرض التي تستخدمها احتجاجاً على تجمع الزبائن أمامها، زاعماً أن ذلك تسبب في حجب الرؤية عن محله المخصص لبيع الهدايا والتذكارات للسياح.

مهنة محترفات الحرقوس في الشارع ممنوعة في القانون التونسي، حيث لا تمتلك العاملات سجلاً تجارياً، ولا يخضعن للنظام التقديري المخصص للمهن المتجولة، ويُعاقب القانون العاملات في نقش الحرقوس بغرامة مالية تتراوح بين 60 ديناراً (حوالي 20 دولاراً أميركياً) إلى السجن لمدة شهرٍ بتهمة فتح بسطة عشوائية ومخالفة قرارات البلدية المتعلقة بمنع الاستيلاء على الطريق العام، كل ذلك، إلى جانب العنف، يجعل من حياة عاملات الحرقوس تراجيدية. ولا تخلو مهنة نقش الحرقوس من الفروقات الطبقية، حيث تمثل محترفات العمل الشارعي هوامش الهامش. لكن على الجانب الآخر، نجد صناعة حرقوس مركزية تهيمن عليها كبرى صالونات التجميل التي تتمتع صاحباتها بامتيازات التنظيم والترخيص، حيث تبدأ أسعارهن من 30 دينارًا (حوالي 10 دولارات أمريكية) مع فرض تعريفة إضافية على التنقل للمنازل. كما تستفيد هذه الصالونات من منصات التواصل الاجتماعي مثل "فيسبوك" و"إنستغرام" كوسيلة للترويج، مما يضمن لهن مكانة اجتماعية فاخرة ويبعد عنهن التصورات السلبية التي تلاحق محترفات ذات المهنة من العاملات في الشارع.

نسرين بن بلقاسم , صورة سناء عدوني

وتواجه النساء العاملات في الاقتصاد غير الرسمي مضايقات مستمرة من قبل الشرطة، التي تطبق إجراءات صارمة ضد الأسواق غير الرسمية، ما يخلق حالة أشبه بـ "لعبة القط والفأر"، حيث تضطر النساء إلى التحايل على السلطات للاستمرار في كسب قوتهنّ، كلّ هذا يعرضهن للاستغلال، إذ لا توجد قوانين واضحة تحميهن.

من جانبها، توضح الباحثة في علم اجتماع السكان نسرين بن بلقاسم أن المهن الموسمية وغير المرخصة، مثل مهنة محترفات الحرقوس في الشوارع، تضع النساء في موقف أصعب مقارنةً بالرجال الذين يمارسون مهناً مشابهة.

تقول بن بلقاسم: "تواجه النساء تحرشاً وابتزازاً جنسياً قائماً على النوع الاجتماعي، بينما يمكن للرجال تسوية ملاحقات الشرطة بدفع الرشاوى."

خطاب رسمي معادي

صورة سناء عدوني

وسط المطبات التي يفرضها السياق السياسي والاقتصادي الراهن المتأزم، تزداد معاناة محترفات الحرقوس بشكل مضاعف، نظراً لأن الخطاب الرسمي للرئيس التونسي قيس سعيّد يعارض مهن الشارع، على الرغم من رفعه شعارات اجتماعية تدعو إلى محاربة الفساد واستعادة سيادة الشعب، إلا أن هناك تناقضات واضحة في سياساته تجاه الفئات الهشّة في المجتمع، بخاصة فيما يتعلق بالاقتصاد غير الرسمي، فوعد سعيّد منذ توليه السلطة بالقضاء على هذه الظاهرة، مشيراً إلى أن الباعة المتجولين/ت يُسهمون في الفوضى الاقتصادية والاجتماعية، ومع ذلك، لم يقدم بدائل عمليّة أو آليات لدمج هذه الفئات في الاقتصاد الرسمي، ما زاد من معاناتهم/ ن.

عاملات نقش الحرقوس هنَّ شاهدات على مقاومة نساء تونسيات يكافحن بصمت داخل بيئات غير آمنة، وسط تجاهل المجتمع وتجاهل السلطات لهنَّ، لتدفن صرخاتهن في الشوارع حيث يعملن، أو كما تقول سميرة: "في الشارع، أجد نفسي أحياناً أعيش في خوف، لكن عندما أغمض عيني، أرى نفسي في عالم لا أستطيع الوصول إليه، عالم يعترف بوجودي ويقدّر كرامتي، لا أعرف معنى الانتماء لأنني لم أنتمي إلّا للشارع...."

* دراسة: سوق نهج اسبانيا أو منهاج الاقتصاد الشارعي في تونس 

تم إنجاز هذا التحقيق بدعم المكتب التونسي لمؤسسة "روزا لوكسمبورغ".

Tags: نساء تعشن في الشارع وتعتَشن منه
سناء عدوني

سناء عدوني

سناء صحافية تونسية وباحثة في العلوم السياسية تخصّصت في مجال التواصل العام والسياسي. كتبت عشرات المقالات الصحافية عن حقوق النساء والعدالة الاجتماعية وقضايا حقوق الإنسان ومحاربة الفساد. سناء متخصصة أيضاً في صياغة ورقات السياسات العامة وهي خريجة معهد تونس للسياسة. هي حائزة على جائزة "بشيرة بن مراد" المقدمة من مؤسسة "فريدريش نومان" و"المركز الأفريقي لتدريب الصحافيين وخبراء التواصل" عن أفضل عمل صحافي استقصائي لمكافحة الفساد، وجائزة "لينا بن مهني" لحرية التعبير المقدمة من الاتحاد الأوروبي عن تحقيق صحافي حول تقييد حق تجميد البويضات للعازبات في تونس. تدافع سناء في عملها عن المساواة وحقوق النساء والعدالة الاجتماعية.

مقالات ذات صلة

التلقيح الصناعي في فلسطين: تكاليف باهظة يتكبّدها الزوجان لوحدهما
تحقيقات

التلقيح الصناعي في فلسطين: تكاليف باهظة يتكبّدها الزوجان لوحدهما

آلاء مرار
4 مايو 2022
1.1k

في فلسطين، يلجأ كثيرون إلى عمليات الإخصاب الصناعي، على الرغم من عدم شمولها في التغطيات الصحية، لا الخاصة ولا الحكومية....

مَن أنتَ يا خوف؟ مَن أنتَ يا أمل؟ عن معنى "الفراغات العامة" في حياة النساء
آراء

مَن أنتَ يا خوف؟ مَن أنتَ يا أمل؟ عن معنى "الفراغات العامة" في حياة النساء

مُساهِمة مع ميدفيمينسويّة
3 مايو 2023
598

أنا باحثة، ثلاثينية، مصرية، من مبادرة "ذا سكس توك بالعربي"، شغوفة بالعمران والنسوية، أمارس المقاومة كجزء أساسي من حياتي اليومية....

في السودان حرب على النساء... اغتصاب وسبايا وإحراق!

في السودان حرب على النساء... اغتصاب وسبايا وإحراق!

13 مارس 2024
318
Souad Triki : « Le travail invisible est propre à la condition féminine des temps actuels »

Souad Triki : « Le travail invisible est propre à la condition féminine des temps actuels »

15 فبراير 2022
301

تعليقات 1

  1. جلال التليلي says:
    1 سنة ago

    تحقبق يتميز بالجودة والعمق في التأطير.
    شكرا سناء ومزيدا من النألق

    رد

اترك تعليقاً إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

J'accepte les termes et conditions et la Politique de confidentialité .

Medfeminiswiya

ميدفيمينسوية شبكة نسوية متوسّطية تجمع ما بين النساء الصحافيات العاملات في مختلف بلدان البحر المتوسّط

النشرة الإخبارية


    تابعينا

    تصفّح/ي المواضيع


    • تحقيقات
    • ملفّاتنا
    • تقاريرنا
    • تحركات
    • شخصيّات
    • آراء

    • إنتاجات
    • بصريّات
    • كتب وأفلام
    • ميديا
    • سياقات الدول
    • بلوغ
    • من نحن
    • شبكتنا
    • شركاؤنا
    • انضمّي إلينا
    • ميثاقنا الصحافي
    • الإشعار القانوني

    © 2025 ميدفيمينسوية - الشبكة المتوسّطية للإعلام النسوي

    • it VO
    • fr Français
    • en English
    • ar العربية
    • تحقيقات
    • تحركات
    • شخصيّات
    • إنتاجات
    • آراء
    • ميديا
    • سياقات الدول
    • بلوغ
    No Result
    View All Result

    © 2025 ميدفيمينسوية - الشبكة المتوسّطية للإعلام النسوي

    Welcome Back!

    Login to your account below

    Forgotten Password?

    Retrieve your password

    Please enter your username or email address to reset your password.

    Log In

    Add New Playlist

    Ce site n'utilise pas de cookies. This website does not use cookies. هذا الموقع لا يستخدم ملفات تعريف الارتباط.