هذه المقالة متاحة أيضًا بـ: Français (الفرنسية) English (الإنجليزية)
تم إنشاء صورة الغلاف بواسطة الذكاء الاصطناعي.
هل يُحتمل أن تكون الساحرات الأوروبيات، اللواتي تمت شيطنتهن عشوائياً وبدأت محاكمتهن في القرن الخامس عشر (في ثلاثينات القرن الخامس عشر) وبشكل رئيسي في القرنين السادس عشر والسابع عشر (بين عامَي 1560 و1630)، أول نسوياتٍ إيكويلوجياتٍ عرفهن العالم وحكم عليهن بالموت؟
هنّ المتماهيات مع الطبيعة، مَن يخاطبن الهواء والنار ويتحكمن في قوة النباتات، والمعالجات المتمرسات في العلم، والمتحررات المستقلات في المقام الأول. هنّ بالفعل متمردات تمرداً مطلقاً. على أي حال، شكّلت هذه الشخصية مصدر إلهام للنسويات المعاصرات في السبعينات، اللواتي ربطن بين الهيمنة الذكورية واستغلال الطبيعة، وأكدّن على أن هذين الشكلين من القمع متجذّران في الهيكليات الأبوية والرأسمالية.
هكذا نشفى وهكذا نحيا…
في عام 1976، أسست كزافيير غوتييه، الكاتبة والصحافية والمحررة والأكاديمية الفرنسية، مجلة Sorcières (الساحرات)، وهي مساحة تعبير للنسوية الإيكولوجية الفرنسية. وفي عددها الـ 20، حملت المجلة عنوان "اغتيال الطبيعة".
في مقابلة نُشرت عام 2017، تقول غوتييه: "لماذا "الساحرات"؟ لأنهن يرقصن. يرقصن عندما يكون القمر بدراً. هن نساء قمريات، ومتقلبات المزاج، يعانين – كما يُقال – من الجنون الدوري. […] لماذا "الساحرات"؟ لأنهن يحيين. لأنهن على تماس مباشر مع حياة أجسادهن، ومع حياة الطبيعة، ومع حياة أجساد الآخرين. الساحرات يتنفسن، ويشعرن وينادين كلّ زهرة، وكلّ عشبة، وكلّ نبات. لذلك يشفين، أو يسممن. ما من شيء خارج عن الطبيعة هنا. […] لماذا "الساحرات"؟ لأنهن يستمتعن"(2).
ومن بين مؤلفات المجلة التي كانت من إنتاج النساء حصراً، وصدر عنها 24 عدداً بين عامي 1976 و1982: الفيلسوفة الفرنسية فرانسواز دي أوبون، التي استخدمت في كتابها النسوية أو الموت (1974) مصطلح "النسوية الإيكولوجية" للمرة الأولى، وأكدّت فيه أن الأزمة البيئية مرتبطة بالنظام الأبوي. كما دعت النساء إلى الشروع في ثورة إيكولوجية نسوية للحفاظ على الكوكب.
وسرعان ما لقي هذا المصطلح تأييداً من جانب النساء، لا سيما ضد السباق النووي، وإزالة الغابات، والاستخدام الواسع النطاق للمبيدات الحشرية. ومن هنا أصبحت الحركة النسوية الإيكولوجية قوة نضالية.
إيقاظ ضمائر العالم
في الهند، احتجت نساء هندوسيات في حركة تشيبكو (1970-1980) على إزالة الغابات من خلال احتضان الأشجار بأجسادهن لحمايتها.
في المملكة المتحدة، قامت ناشطات نسويات بنصب معسكر حول قاعدة جرينهام كومن العسكرية للاحتجاج على الأسلحة النووية، بين عامي 1981 و2000. كما تميزت فترة السبعينات والثمانينات بنضالات الفلاحات والنساء من السكان الأصليين في أميركا اللاتينية وأفريقيا، من أجل الحقّ في الأرض وضد استخراج المعادن والنفط.
لماذا "الساحرات"؟ لأنهن يحيين. لأنهن على تماس مباشر مع حياة أجسادهن، ومع حياة الطبيعة، ومع حياة أجساد الآخرين. الساحرات يتنفسن، ويشعرن وينادين كلّ زهرة، وكلّ عشبة، وكلّ نبات. لذلك يشفين...
مع الأزمات البيئية والصحية والإنسانية التي تلقي بثقلها على بلدان الجنوب، وتغذي العنف ضد النساء، والفتيات وتؤدي إلى نشوء ظاهرة "لاجئات المناخ"، شهدت النسوية الإيكولوجية اهتماماً متجدداً بدءاً منذ عام 2000. فقد ألهمت شخصيات معاصرة مثل السويدية جريتا ثونبرج وناشطات من السكان الأصليين أدنّ العنف البيئي والعنف القائم على النوع الاجتماعي.
في إشارة إلى شعارات ومظاهرات النسويات الإيكولوجيات، تساءلت الصحافية والكاتبة لور أدلر في أحدث أعمالها "صوت النساء" (2024): " هل النساء هنّ اللواتي يراقبن ويدقن ناقوس الخطر بشأن مستقبل هذا العالم؟".
قد تمتلك فرانسواز دي أوبون جواب هذا السؤال، فقد كتبت في عام 1978 في كتابها "البيئة والنسوية": "أليس من الأفضل عقد لقاء مع النساء بدلاً من لقاء نهاية العالم؟".
في منطقة البحر الأبيض المتوسط، يتسبب الجفاف المتفشي، والاستغلال الجائر لموارد الأسماك من قبل الرجال، والتصحر المتسارع، في إفقار النساء اللاتي يعتمدن على البحر والأرض في حياتهن.
من الناحية التاريخية، يبدو أن الحركة النسوية الإيكولوجية تشكل وسيلة تساعد النساء على إيصال أصواتهن خارج قراهن الساحلية أو أراضيهن القاحلة الآن. من خلال وسائل الاحتجاج الناعمة مثل الأغاني والرقصات ورمي الألوان والفعاليات، تسعى النسويات الإيكولوجيات إلى إحداث ضجيج يهدف إلى إيقاظ الضمائر وتغيير الأجندات السياسية.
مونا شوليه، الساحرات، القوة التي لم تُقهَر للنساء، دار لا ديكوفرت، 2018.
CAIRN.Info، 2017، عودة الساحرات. مقابلة مع كزافيير غوتييه ودانييل كارير. حوار أجرتْه جان بورغار غوتال.