النساء في وسائل الإعلام الجزائرية: تنميط وكراهية

ليس صادماً أن لم تُخصَّص للنساء في الإعلام الجزائري، حتى الآن، مساحة مساوية لتلك المتاحة للرجال، لاسيما أنهن شبه مغيَّبات من الحيّز العام. على القنوات التلفزيونية الرسمية والخاصة، تُعطي نشرات الأخبار المحلية انطباعاً بأنّ الجزائر بلد بلا نساء. بل يجب زيارة فقرات الطبخ والأسرة والجمال والمنوّعات للعثور عليهن...

هذه المقالة متاحة أيضًا بـ: Français (الفرنسية) English (الإنجليزية)

بين صفحات Le Soir d'Algérie، وهي صحيفة يومية من أعمدة الصحافة المستقلة الناطقة بالفرنسية في الجزائر، نجد فقرات نسائية قديمة الطراز مخصصة حصرياً لوصفات الطبخ ونصائح التجميل وأشكال الديكور وأنشطة أخرى يُفترض أنها نسائية. قد يبدو خيار المحرّرين بتخصيص صفحة لوصفات الطبخ أمراً عادياً، إلا أنّ ما يستدعي الانتباه هو تصنيف هذا المحتوى على أنّه مخصص لـ "المرأة". من هذا المنطلق، قد تكون أي مجلة طبخ أخرى أكثر مساواة تجاه النساء.

في صحيفة يومية أخرى ناطقة بالفرنسية، تُدعى L’Expression، وهي تأسست في العقد الأول من هذا القرن، ينضحُ العمود القانوني بالكليشيهات والصور النمطية المتحيزة ضد المرأة، حيث يتم الإشادة بانتظام بما يُسمّى "قيم" الرجل القوي. ففي عددها الصادر في 18 نيسان/أبريل 2023، نقرأ عن حديث جرى بين قاضية ومحامٍ: "رفعَ أكمام ردائه الأسود وقال بصوت عالٍ متعمّداً أن يُسمع كلامه جيداً: "سيدتي الرئيسة، عذرًا لكني أعترض بشدة على تعليقك المسيء الذي لا علاقة له بمهنتنا. إذا علمتُ مثلاً أن زوجتي، التي ترأس المحكمة في قاعة مجاورة، أقدمت على مثل هذا السلوك، فحريّ بها أن تدخل المطبخ وتحضّر أطباق لذيذة بلمستها السحرية وتتمايل بردائها الأسود". بعد وضع الصيغة النهائية، انسحب المحامي، تاركاً القاضية عاجزة عن الكلام، غير قادرة على الرد بأي عذر".

أيضاً، وفي العدد الصادر في 11 آذار/مارس 2023، يصف أحد الصحافيين جلسة المحكمة بهذه العبارات: "لأول مرة في سابقة من العيار الثقيل: ربّ أسرة يتعرض منذ فترة للتحرش الجنسي من فتاة، أكثر من قبيحة، تجاوز عمرها نصف الأربعين، بينما (كان) الضحية شاباً وسيماً طويل القامة، بجسم ممشوق، كممثلٍ من الثلاثينيات، يرتدي جينز على الموضة الأمريكية، وفي وجهه ملامح ملائكية ولحيته مشذبة فيها اللونان الأسود والأبيض".

تظاهر صحفيات وصحفيون في الجزائر ضد قمع حرية التعبير. صورة لمنصف عيت قاسي.

وحتى في 8 آذار/مارس (أي اليوم العالمي للنساء)، اختصرت وكالة الأنباء الرسمية النساء بمصطلح "الجنس اللطيف" في خبر تناول فعالية مخصصة بالكامل لهن: "سيضم المعرض مجموعة متنوعة من المنتجات والعروض المخصصة للمستهلكات من الجنس اللطيف، أي مستحضرات التجميل، والعطور، والمجوهرات، والمنتجات الحِرفية، والأجهزة المنزلية، والملابس الجاهزة، بالإضافة إلى تذوق الكعك التقليدي والعصري، مع مساحة مخصصة للأمهات والأطفال".

ومع ذلك، تبدو هذه الأمثلة حميدة إذا قارنّاها بالصحف الصفراء وقنواتها التلفزيونية، مثل "الشروق" أو "النهار". من خلال التركيز على السبق الصحافي الدسم والصور النمطية العنصرية والذكورية، عمدت هاتان الإذاعتان إلى إضعاف صورة المرأة وبخاصة الناشطات النسويات.

بوقاحة تامة، تحاول مقالاتهما حول جرائم قتل النساء إضفاء الطابع الإنساني على المعتدي من خلال الظروف المخففة التي تُعطى له، وإذا لزم الأمر، عبر إلقاء اللوم على سلوك الضحية. نترك لكم الحكم: "هذا الجزائري البالغ من العمر 50 عاماً، والذي ليس له سوابق في العنف المنزلي، أوضح للمحققين أنّ المسألة تعود لمشاكل مالية بين الزوجين. بعد ظهر الاثنين30 كانون الثاني/ يناير، بغياب أطفال آسيا والخضر الثلاثة، قال لزوجته: "عليك أن تساعديني، لم أعد قادراً [على المصاريف]. لقد تم تخفيض راتبي إلى النصف". فأجابته قائلة: "لا يهمني، ليس لدي أي نقود". عندها أخذ الأخضر حقيبة زوجته ورأى الكثير من النقود في الداخل". يتم تقديم المعتدي باسمه الأول كأبٍ تُثقل كاهله الهموم في مواجهة امرأة بلا إحساس، وبالتأكيد، مادية.

بوقاحة تامة، تحاول مقالاتهما حول جرائم قتل النساء إضفاء الطابع الإنساني على المعتدي وإلقاء اللوم على سلوك الضحية

في الواقع، لا داعي للغوص أكثر في تحيز وسائل الإعلام الجزائرية في مواجهة العنف ضد المرأة. أظهرت قضية شيماء، الفتاة الصغيرة التي تعرّضت للاغتصاب والحرق، كامل مكامن الذكورية والرجعية. على الرغم من كل شيء، فإن الصحافة المكتوبة لا تضاهي القنوات التلفزيونية الخاصة من حيث المحتوى الاستفزازي. قناة "الشروق"، على سبيل المثال لا الحصر، تحظى بشعبية كبيرة بين المتابعين/ات الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و49 عاماً، مع نسبة مشاهدة تقارب 41% بين القنوات الرسمية. في 5 تموز/يوليو 2020، برز برنامج على القناة بعنوان "زوجي هو جنتي" حيث تجثو امرأة على المسرح لتقبيل قدمَي زوجها، في علامة على الخضوع أمام أعين مقدمة البرامج المبتهجة.

تحافظ وسائل الإعلام الرسمية والخاصة على صورة متردية للمرأة، وتلمّع القوالب النمطية صورة "الأم الصالحة"، والمرأة الجزائرية الأصيلة التي تحترم تقاليد الجزائريات فتصبح بمنأى عن الانتقادات المُسيئة. مع ذلك، سمح عمل النسويات بأن يندرج موضوع العنف ضد المرأة تدريجياً ضمن اهتمامات وسائل الإعلام، التي بدأت في استخدام مصطلح "قتل النساء" بدلاً من مصطلح "جريمة العاطفة" أو "جريمة الشغف" أو "جريمة الشرف"، الشائع للأسف. من هنا يبقى التغلب على الحملات الإعلانية وإنتاج الأفلام والمسلسلات التي تستمر في منح الشخصيات النسائية دور الأم الخاضعة أو المرأة الشريرة السيئة الطباع، واجباً ملحاً وجهداً ينبغي أن يُبذل بشكل أكبر.

Exit mobile version