موجز عن السياق النسوي في ليبيا

اعتنقت نساء ليبيا العاملات في المهن الإداريّة والناشطات في مجالات الحقوق والإعلام والمجتمع المدني التغيير فلسفةً ونضالاً والتزمْن بالطريق الشاق للوصول إلى حقوقهنّ. إنّما الواقع المستمر حتى العام العاشر بعد انتفاضة عام 2011 يبيّن أن الليبيّات ما زلن يراوحن مكانهنّ، حقوقيّاً، ويقاتلن يوميّاً، لكن من دون التوصّل إلى نتائج تُذكر.

AXKK2K Three young Libyan women in the copper souq of the old town or medina, Tripoli, Libya, north Africa.. Image shot 2008. Exact date unknown.

هذه المقالة متاحة أيضًا بـ: Français (الفرنسية) English (الإنجليزية)

بقلم: لبنى ابراهيم، صحافيّة ليبيّة

واقع النساء الاجتماعي في ليبيا

أجبرت الحرب المزيد من النساء الليبيّات على الدخول إلى سوق العمل والمشاركة في مهن جديدة ومنها مجالات لم يكنّ شاركن فيها من قبل، وذلك لأسباب عدّة، منها فقدان المُعيل الأساسي الذي غالباً ما يكون الزوج أو الأب. وبحسب إحصاءات (غير نهائيّة)، هناك 5 آلاف أرملة في ليبيا تتراوح أعمارهنّ بين 25 و50 عاماً فقدن أزواجهنّ من جرّاء النزاع أو قتال الشوارع أو بسبب العصابات المنتشرة في البلاد. وتشير الأرقام أيضاً إلى فقدان ليبيا لأكثر من 65 ألف شاب بين 20 و50 عاماً منذ اندلاع ثورة 17 شباط/فبراير حتى عام 2015. ناهيك عن النزاعات والصراعات الأخيرة التي لم يجرِ رصدها أو حصرها حتى الآن وكانت غالبيّة القتلى فيها من الشبّان والمُعيلين، ممّا اضطرّ النساء الليبيّات إلى البحث عن مورد رزق في مجالات جديدة.

من ناحية التعليم، فإنّ تعليم النساء في المدن الكبرى في ليبيا أصبح ضرورياً وشائعاً، لكنّه لا يزال غير مقبول في صفوف المجتمعات المقيمة في الضواحي والمدن الصحراويّة. عددٌ كبير من الأرامل تزوّجن في سن مبكرة ورفض الأزواج أن تكمل زوجاتهم تعليمهنّ، ممّا اضطرهنّ بعد وفاة الزوج إلى العمل بأجرٍ قليل.

على صعيد الزواج والطلاق، تفرض العادات والتقاليد الليبيّة قيوداً تجعل المرأة أسيرة الرجل أو "المحرم"، كما هو متداول في ليبيا، بخاصة المرأة المطلّقة التي تتحوّل في نظر المجتمع إلى "مجرمة"، ممّا يجعل شريحةً كبيرة من النساء يتقوقعن داخل بيوتهنّ في حال كنّ عزباوات أو مطلّقات، آملات باحتمال حياة زوجيّة جديدة حتى لا يوصمن أهلهنّ "بالعار".

والجدير بالذكر هو أنّ معظم المناطق الليبيّة لا تعترف بقوانين الأسرة وغيرها من قوانين الدولة إذ لا يزال أهلها يحلّون مشكلاتهم عبر شيوخ القبائل ممّا يعرّض المرأة أكثر لتكون فريسة العادات والتقاليد التي تصل أحياناً إلى السجن والقتل. علاوةً على ذلك، تمنع بعض المناطق مثل مدينة زليتن ومسلاتة النساء من العمل إلا في وظائف تقتصر على التعليم والصحة.

واقع النساء المهني والاقتصادي في ليبيا

كما ذكرنا، تتمتّع النساء الليبيّات، تحديداً المُقيمات في المدن الكبرى، بمستوى تعليمٍ عال غير أنّهن يصطدمن بفروقات كبيرة في ما يتعلّق بالتوظيف بالمقارنة مع الرجال، ولا تصل إلا نسبة 50% من النساء المتخرّجات إلى فرص العمل والوظائف الرسميّة. غالباً ما تُستغل النساء في وظائف ذات أجور منحفضة ولا يلقين الدعم الذي يجب أن تلقاه الأمّهات العاملات فيجدن أنفسهنّ في بيئة ضاغطة ومحافظة تملي عليهنّ مجموعة قواعد تصعّب تحقيقهنّ لذواتهنّ وطموحاتهنّ.

إلى ذلك، تتعرّض النساء الليبيّات إلى الابتزاز من قبل مدراء أو أي شخص في مرتبة أعلى منهنّ عبر سلوكيّات مؤذية مثل التحرّش الجنسي الجسدي أو اللفظي أو البصري والعنف أيضاً، بخاصة في مجالات الإعلام والسكريتاريا وأيضاً داخل الأحزاب السياسيّة.

على رغم كلّ ما تتعرّض له الليبيّات من صعاب في مجال العمل، إلا أن الظروف الاقتصاديّة المتردّية في البلاد تدفع النساء إلى الاستمرار في العمل في ظروف قاسية لأن لا خيار آخر لهنّ. ومن أكثر المهن أماناً لهنّ، استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للترويج لمنتوجاتهنّ من المنزل، الأمر الذي يجعلهنّ عادةً بمأمن من تعنيف الأهل أو الزوج.

واقع النساء السياسي في ليبيا

تواجه النساء الليبيّات المنخرطات في الحياة السياسيّة والشأن العام هجوماً شديد العنف ومساعي تشويه لسمعتهنّ وإبعادهنّ عن المشهد العام، لا سيّما وأنّ المجتمع الليبي من السهل عادةً أن ينساق خلف ما يُنشر عبر شبكات التواصل الاجتماعي عن النساء. وبحسب دراسات وأبحاث نُشرت أخيراً، فإنّ 70% من الرجال والنساء يرفضون  وجود نساء على رأس مؤسّسات سياديّة. نتج عن ذلك رضوخ عدد كبير من النساء اللواتي تنحّين وانسحبن من المشهد خوفاً من الأهل، مع العلم أنّ الكثير من الرجال في المجال السياسي غالباً ما يأتون بامرأة تابعة للمنظومة لتبتزّ امرأة أخرى طامحة إلى منصب وتحاربَها.

 

الصورة الرئيسية: ثلاث شابات ليبيات في سوق النحاس بالمدينة القديمة ، طرابلس ، ليبيا.
Exit mobile version