أجساد النساء والأطفال... دروعاً في حرب إسرائيل علينا

على رغم الحديث عن أن الحرب الشاملة ما زالت مؤجلة في لبنان، إلا أن ذلك لم يمنع من أن تستهدف إسرائيل السيدة سميرة أيوب وحفيداتها الثلاث في قرية عيناتا الجنوبية حين كن في سيارتهن متجهات إلى زيارة عائلية، من دون أن تعير آلة الحرب الإسرائيلية أي اهتمام لأي قانون دولي أو حتى رأي عام يتشكّل عالمياً لمكافحة عنفها وبطشها غير المحدود...

مرةً جديدةً، تُستخدم النساء والأطفال دروعاً للحروب ولصراعات إسرائيل. مرّةً أخرى، تدفع الجدات والحفيدات الصغيرات ثمن حربٍ لم يقررنها ولم يخترنها.

ضربة إسرائيلية على سيارة في جنوب لبنان أدت إلى مقتل 3 فتيات صغيرات وجدَّتهن يوم الأحد 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2023. بهذه البساطة والسذاجة ينتهي الخبر، ليبدأ خبر آخر هو موعد تشييع الأجساد البريئة، ضحايا الجريمة الممنهجة التي ترتكبها إسرائيل يومياً ضد الأبرياء في غزة وفي جنوب لبنان.

ففي غزة مثلاً، تخطّى عدد القتلى من الفلسطينيين/ات الـ10 آلاف شخص، نحو نصفهم من الأطفال وأكثر من 2500 امرأة، بما يشبه الإبادة الجماعية، كما أن إجمالي عدد المصابين ارتفع إلى 24808 جرحى، و2660 مفقوداً بينهم 1270 طفلاً. وكما في كل الحروب والصراعات والكوارث، تدفع النساء ضريبة باهظة لناحية التهجير والتشرد مع أطفالهنّ، والصعوبات الكبيرة في تأمين الحاجات الأساسية لعائلاتهنّ، وحاجاتهن الخاصة، لا سيما في مراكز الإيواء المزدحمة والشوارع التي لا تنتهي مخاطرها.

وفي لبنان الذي لم يشهد حتى الآن حجم الوحشية غير المسبوق الذي يشهده قطاع غزة، فقد اضطرّت آلاف العائلات إلى النزوح من الجنوب والتوجه إلى المناطق الآمنة، خوفاً من الأسوأ، لا سيما وأنّ مشهد تموز/ يوليو 2006 ما زال حياً وحاضراً في ذاكرة جميع اللبنانيين/ات، وتحديداً أهل الجنوب. وقدّرت التقارير عدد النازحين/ات بأكثر من 29 ألفاً، وهو عدد مرشح للارتفاع، في ظل التهديدات المتبادلة بين "حزب الله" وإسرائيل، ما يعني المزيد من الضحايا المدنيين.

كما في كل الحروب والصراعات والكوارث، تدفع النساء ضريبة باهظة لناحية التهجير والتشرد مع أطفالهنّ...

وعلى رغم الحديث عن أن الحرب الشاملة ما زالت مؤجلة، إلا أن ذلك لم يمنع من أن تستهدف إسرائيل السيدة سميرة أيوب وحفيداتها الثلاث في قرية عيناتا الجنوبية، حين كن في سيارتهن متجهات إلى زيارة عائلية، من دون أن تعير آلة الحرب أي اهتمام للقانون الدولي وقواعد الاشتباك التي تمنع صراحة استهداف المدنيين.

إذاً، في أول خرق فعلي وواضح لقواعد الاشتباك بين "حزب الله" وإسرائيل في هذه المعركة المتواصلة منذ 8 تشرين الأول/ أكتوبر، تم استهداف سيدة و3 فتيات صغيرات، وهو أسلوب اعتادت عليه إسرائيل في حروبها في لبنان وفي فلسطين، حتى إن متحدثاً باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين"الأونروا" صرّح لسكاي نيوز عربية، بأن ما يصل إلى 79 من كوادر الوكالة قُتلوا جراء القصف الإسرائيلي.

رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي، قال إن حكومته ستقدّم "شكوى عاجلة" ضد إسرائيل إلى مجلس الأمن الدولي، رداً على "استهداف تل أبيب للمدنيين والأطفال" في جنوب لبنان، لكنّ تلك الشكوى مصيرها على الأرجح سيكون كمصير شكاوى كثيرة قدّمتها جهات عدة ضد إسرائيل، وانتهت هباء، ولم يستطع أحد محاسبة إسرائيل، أو وقف استخدام الأطفال والنساء والمدنيين لكسب المزيد.

Exit mobile version