مقابلة مع التونسية سهام بن علي: ذهبتُ إلى حلب لألبّي واجبي كمُسعفة...

فجر السادس من شباط/فبراير، شهد العالم زلزالاً مرعباً ضرب جنوب تركيا و شمال سوريا. تواترت الصور التي أظهرت هول الكارثة وما أسفرت عنه من خسائر في الأرواح ودمار في الأبنية وتشريد الآلاف من بيوتهم. ردّاً على المأساة، أرسلت تونس طائرةً عسكرية نقلت 40 متطوعاً/ة إلى سوريا، بعد يومين من وقوع الزلزالَين الأوّلين، بينهم أطباء وممرّضون/ات ومسعفون/ات وكلاب لتقصّي أثر الأحياء والأموات تحت الأنقاض. سهام بن علي كانت على تلك الطائرة، وهي قائدة بعثة الهلال الأحمر التونسي إلى حلب. التقيناها بعد عودتها إلى تونس لنسألها عن تجربتها...

تبر النعيمي- صحافية تونسية   
نصّ المقابلة مع المُسعفة سهام بن علي:
حدّثينا أكثر عن نفسكِ...

أنا سهام بن علي، رئيسة بعثة الهلال الأحمر إلى سوريا، حصلتُ في السابق على إجازة في العلاج الطبيعي وماجستير في إدارة الأعمال (تحديداً في إدارة المؤسسات الصحية والاستشفائية). وأنا بصدد إعداد رسالة بحث تغوص في أبعاد النوع الاجتماعي في المجال الصحي. أنا مدربة في الهلال الأحمر وتلقيت بنفسي تدريبات عدّة حول الاستجابة في الكوارث والإسعافات وإدارة الأزمات. انضممتُ إلى الهلال الأحمر في سنّ مبكرة، ولكن بصفة رسمية ومنتظمة أنا معه منذ سنة 2012.

هل كنتِ أنت من اقترح فكرة الذهاب إلى سوريا بعد الزلزالَين؟

بعثة الهلال الأحمر في تونس هي من اختارتني لأكون رئيسة البعثة، ولبّيتُ النداء دون تردّد. شعرتُ أنني أنتصر أيضاً للمرأة. صحيح أننا في الهلال الأحمر لا نميّز بين امرأة ورجل بل نعمل انطلاقاً من الكفاءة والجهوزية، لكن لا أنفي أن شعوراً بالفخر انتابني وأردتُ كامرأة تمثيل بلادي. التكليف طبعاً يصاحبه مسؤولية إزاء المجموعة التي أرأسها وأيضاً إزاء الذين وثقوا بي، وطبعاً، إزاء الهلال الأحمر العالمي.

كم كان عدد الأشخاص في البعثة؟

كنا 8 أشخاص في بعثة الهلال الأحمر تلك، أربع نساء و أربعة رجال، احتراماً لمبدأ التناصف، و10 من الكوادر الطبية وشبه الطبية، و20 من فرق الحماية المدنية وقائد الطائرة ومساعدته. وأتى معنا كلبان أيضاً.  

كيف كانت الرحلة؟ أخبرينا أكثر عن مشاهداتك ومشاعرك لدى وصولك...

كنا على متن طائرة عسكرية لها خصوصياتها وشروطها. دامت الرحلة 6 ساعات تقريباً. كنتُ خلالها فقط أفكر بأنني أريد الوصول إلى سوريا لألبّي نداء الواجب وأساهم في إنقاذ الأرواح في زمن الأزمات والكوارث، كما علّمنا الهلال الأحمر أن نفعل. وهذا الأمر يساعد على إبعاد الشعور بالخوف. للمناسبة، حين أطلقنا نداء الرحلة، تقدّم عدد أكبر من النساء للذهاب، بل كنّ هنّ من شجّعن الرجال للسفر إلى هناك وتقديم المساعدة...

حدّثينا قليلاً عن العمل الذي قمتم به على الأرض...

ذهبنا إلى مواقع الدمار لنغيث من كان على قيد الحياة وانتشال الجثامين من تحت الأنقاض. كنت أعمل في المواقع إلى حدود الرابعة فجراً مع رجال عاملوني بكل احترام وساعدوني ووثقوا بي وبكفاءتي. قدّمنا مساعدات في المستشفيات... فالأطباء معنا كانوا يعملون في المواقع الميدانية وأيضاً في المستشفيات وقاعات العمليات، مع الفريق الطبي التابع لوزارة الصحة التونسية. لكن للأسف، لم نستطع إنقاذ أحياء، وانتشلنا جثامين فقط. كنا نحاول الإحاطة نفسياً بأقرباء الضحايا الناجين... هم نجوا من الموت لكنهم خسروا كل شيء تقريباً. إلى ذلك، قدّمنا الدعم المادي بعد تحديد احتياجات من فقدوا منازلهم وأرسلنا قائمة بالاحتياجات الخاصة بهم وبمستشفيات زرناها لنوصلها إلى المعنيّين في تونس.

ماذا بقي لك من مهمتكِ في حلب؟

"... وتستمر الحياة " هو الدرس الذي تعلمته وجسّده الواقع أمامي هناك. حين ترين الأطفال يلعبون في الملاجئ رغم كل شيء وتسمعين ضحكاتهم تدركين أن الأمل سيظل يولد. أهل حلب متمسكون بالحياة... ونحن نغادرهم بعد حوالي أسبوع، كانت الحياة وكأنها بدأت تعود شيئاً فشيئاً إلى مجاريها. السوريون/ات شعب صامد ومقاتل. صمود  اكتسبوه للأسف على مر السنين بسبب ما عايشوه من حروب وتهجير ومآسٍ...

Exit mobile version