ياسمين عز ورضوى الشربيني ورجل يقطع رأس زوجته ويلتقط "سيلفي"

فيما كانت فيديوات رضوى وياسمين تجوب صفحات مواقع التواصل الاجتماعي وتثير جدلاً بين مؤيد ورافض وساخر، كانت امرأة مصريّة على مقربة منهما تُذبَح بدم بارد...

هذه المقالة متاحة أيضًا بـ: Français (الفرنسية)

أخبرتني إيمان، وهي واحدة من ضحايا التزويج المبكر والعنف الأسري، أنها وافقت على سرد قصتها لي حتى تكون عبرةً لفتيات أخريات، لكي يتعلمن الدفاع عن حقّهن ويرفضن الزواج المدبّر والعنف الممنهج. كان عمرها 16 سنة فقط، وكانت قد تطلّقت قبل أشهر. كان يُفترض أن أنشر قصتها ضمن مشروع يروي قصص ضحايا التزويج المبكر، لكنني لم أفعل لأسباب خاصة.

بعد شهر من لقائنا، اتصلت بي إيمان لتدعوني إلى زفافها في أحد مخيمات اللجوء. ذُهلت بالفعل، وحين حاولت الاستفسار، أخبرتني أنه زواج مدبر آخر لكن "العريس منيح وغني وعمره 45"، علماً أن زوجها الأول كان في الخامسة والستين.

مرّةً أخرى، وقعت إيمان ضحية، لكنها حاولت أن تطمئنني إلى أنها سعيدة ومقتنعة. علمتُ بعد مدة قصيرة أن زوجها الجديد لم يكن أفضل من الأول. كدتُ أتصل بها لأعاتبها ولأسألها عن كل الشعارات التي أخبرتني بها والتي أرادت أن تعظ بها الفتيات في سنّها. لكنني تراجعت لأنني لن أستطيع فهم ظروفها وتبدو الفلسفة من بعيد أسهل وأسوأ ما قد يفعله المرء... اكتفيتُ بالحزن عليها، والسأم للمرة الألف من الأجهزة والأسباب التي تدفعنا إلى خيارات أو واقع مفروض من التعاسة والظلم، وأطلقت ألف لعنة لكل المعوقات التي تمنع كثيرات من الانتفاض من أجل الحرية والاستقلالية وحق ملكية الذات والجسد.

لا شكّ في أنّ كثيرات يفضّلن التحمّل على البوح، والعنف على الفضيحة، و"ظل رجل" ولا "ظل حيطة"، وأي زواج بدل "العنوسة". ولا شكّ في أن الأجهزة الدينية والاجتماعية والقانونية والاقتصادية اتّحدت لتنجح في صناعة أجيال من النساء المستضعفات والصبورات والصامتات، بفضل تمجيد هذه الصورة من النساء، واعتبار أي صورة أخرى تشويهاً للأنوثة وخروجاً عن الدين والمجتمع. وهو واقع تثبته الإحصاءات والأرقام، فنسبة اللواتي يرفعن دعوى ضد مغتصب أو متحرّش أو معنِّف أقل بكثير مقارنة بعدد الضحايا المتزايد (هذا إن وُجدت قوانين في بلادهن لحمايتهن أصلاً).

وتذهب المتاهة إلى حد أن يتحوّل الهوان والاستسلام إلى برامج تلفزيونية تروّج لهما وتكرّسهما كقانون لحياة هانئة وأسرة سعيدة. برامج رائجة على شاكلة ما تقدّمه ياسمين عز ورضوى الشربيني.

ياسمين عز

وفيما كانت فيديوات رضوى وياسمين تجوب صفحات مواقع التواصل الاجتماعي وتثير جدلاً بين مؤيد ورافض وساخر، كانت امرأة على مقربة منهما تُذبَح بدم بارد، إذ شهدت قرية تيرة التابعة لمدينة نبروه في محافظة الدقهلية شمال مصر، قبل أيام، جريمة مروّعة حينما أقدم شاب على ذبح زوجته ثم التقط "سيلفي" بجانب الجثة.

قالت ياسمين عز في إحدى حلقات برنامجها "كلام الناس" عبر قناة MBC مصر، "الرجل يتشال على الرموش والأهداب، فوق العيون وجوا العيون"، موضحة أن الرجال هم من دافعوا عنها بعد شائعات وقف برنامجها.

ودعت في حلقة أخرى النساء إلى تفخيم الزوج من خلال مناداته بأستاذ أو "بش مهندس": "إذا كان جوزك اسمه محمد، ناديله يا أستاذ محمد أو يا أستاذ محمد تشرب ايه؟".

تأتي مواقف الإعلاميّتين كدافع إضافي للعنف وتبريره...

ولكن مَن هنّ هؤلاء النساء اللواتي بنظر ياسمين يهدرن حقوق رجال العالم؟ هل تعرف مثلاً، أن مؤشرات هيئة الأمم المتحدة للمرأة تشير إلى أن 37 في المئة من النساء العربيات تعرّضن لشكل من أشكال العنف في حياتهن، مع احتمال أن تكون النسبة أعلى من ذلك؟ هل تعرف أن 133 مليون امرأة على قيد الحياة اليوم تعرّضن لتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، وأن 92 في المئة من النساء والفتيات في مصر بين 15 و49 سنة تعرّضن لهذا التشويه؟ هل أخبرها أحدهم أن 700 مليون امرأة على قيد الحياة اليوم تزوّجن تحت سن 18 وأن 14 في المئة من الفتيات العربيات يتزوجن تحت سن 18؟

رضوى الشربيني

بالانتقال إلى رضوى الشربيني، هي وجه آخر للدعوة إلى استمرار الوصاية على النساء إنما بقالب يبدو "نسوياً" للوهلة الأولى، ولكن سرعان ما يسقط في سرداب الذكورية والتشجيع على تقبّل العنف والاضطهاد. تقول رضوى: "أوعى تقلعي الحجاب إنتي أحسن مني ومن غير المحجبة 100 ألف مرة"، وتضيف: "غير المحجبة شيطان نفسها أقوى من إيمانها وقوتها".

وفي إحدى حلقاتها استضافت رضوى الشربيني مصمّمة أزياء ملابس أطفال، عرضت ملابس للصغيرات، وقد أبدت رضوى امتعاضها من الملابس المكشوفة، وهو ما فتح جدلاً على مواقع التواصل الاجتماعي.

هكذا تأتي متاهات رضوى وياسمين لتحقيق نسب مشاهدة عالية، بوصفها تكريساً للذكورية والاستسلام لها، إنما هذه المرة بصوت أنثوي ووجه جميل وطلّة بهية. وإذ إن قلب الطاولة رفاهية قد لا تملكها كل نساء العالم، لا سيما في بلدان عربية أو محافظة، فتأتي مواقف الإعلاميّتين كدافع إضافي للعنف وتبريره.

Exit mobile version