مريم وباسمة وأخريات... 6 نساء مقتولات في أسبوع واحد والقاتل رجل

في 28 آذار/ مارس 2022، خرجت الناشطة والصحافية مريم ياغي في بث مباشر من العراق لتطالب الحكومة والعالم بإنصافها لأن البطل المقاوم ذائع الصيت منتظر الزيدي، وهو طليقها، يمنعها من رؤية ابنتها…

في 14 كانون الأول/ ديسمبر 2008، وتحديداً في قصر رئيس الوزراء في بغداد، ألقى الصحافي العراقي منتظر الزيدي حذاءه على رئيس الولايات المتحدة وقتها جورج دبليو بوش، وصاح "هذه قبلة وداع من الشعب العراقي أيها الكلب"، إذ كان من المقرر أن يترك بوش منصبه بعد خمسة أسابيع تقريباً، بعد تنصيب خليفته باراك أوباما. بعد ذلك، حكم على الزيدي بالسجن ثلاث سنوات تم تخفيضها لاحقاً.

وفي 28 آذار/ مارس 2022، خرجت الناشطة والصحافية مريم ياغي في بث مباشر من العراق أيضاً، لتطالب الحكومة والعالم بإنصافها لأن البطل المقاوم ذائع الصيت منتظر الزيدي ذاته وهو طليقها، يمنعها من رؤية ابنتها، بعدما سافرت من بيروت من أجل هذا الهدف.

وكشفت الأمّ الغاضبة عن الأساليب التي اتّبعها طليقها بهدف استدراجها إلى العراق، حيث يقيم حاليّاً مع ابنته وعائلته، وأساليب المراوغة التي اتبعها لمنعها من رؤية ابنتها، طالباً منها توقيع تعهّد بأنها لن تتصوّر مع ابنتها، فالزيدي يخاف من تلطيخ صورته وفضح جريمته. لكنّ مريم بشجاعة ملهمة تولّت كشف أمره، متحدثة عن معاناتها من دون إخفاء اسم طليقها هذه المرة، قائلةً: "طلب منّي الحضور إلى العراق لرؤية ابنتي فوافقت، وها أنا هنا منذ الخميس الماضي، وهو يتملّص من وعوده، ويحرمني رؤية ابنتي منذ أكثر من ٣ سنوات، والأوقح أنّه يطلب منّي توقيع تعهّد بعدم التقاط الصّور معها خوفاً من الفضيحة، التي ستسبّبها الصور بعد أن يرى الرأي العام مدى تعلّق أميديا (أي الابنة) بي فتفضح ألاعيبه".

إنه حدث مؤسف، أن ينحدر رجل من مرتبة مقاوم و"أيقونة" إلى رجل معنِّف يشبه كثيرين، يريد الانتقام من طليقته عبر ابنتهما، بأكثر الأساليب سفاهة.

تواجه ياغي تعنت طليقها منذ سنوات، إذ حرمها من ابنتها وهي في الثالثة، يرتجف صوتها وهي تكرر في البث المباشر: "يا عالم أنا بتصوّر مع بنتي عفايبر viber".

قال منتظر الزيدي في مقابلة لـ"الجزيرة نت" عام 2020، "لو عادت عقارب الساعة سأكرر هذا الفعل"، أي رمي بوش بحذائه. لكنّ ما فعله الزيدي وما كرّره بالفعل هو الإمعان في تعنيف مريم جسدياً ومعنوياً وممارسة إرهابه عليها، فيما لمِ يحمِ أي قانون الأم المحرومة من ابنتها والخاضعة لذكورية رجل وصحافي لا يملك من الإنسانية قيد أنملة. حتى إنه بعد انتشار فيديو مريم الذي تستغيث فيه من أجل إنقاذها من الزيدي، حاول ترهيب كل من يتضامن مع طليقته، وانتشر تسجيل صوتي له وهو يتوجه لإحدى صديقاتها، معبراً عن أخلاقه العالية عبر السباب والتهديد والتهويل، محرّضاً زوج الصديقة ضدّها. يريد الزيدي حلفاء لتبرير جريمته وتخويف فاضحيه...

حكاية مريم ليست الأولى، وللأسف لن تكون الأخيرة ما دمنا لا نملك منطومات قانونية واجتماعية قادرة على حماية النساء عموماً، لا سيما في قضايا الزواج والطلاق، حيث تعامل المرأة كـ"شيء" أو كآلة للإنجاب ولإفراغ الذكورية والقوة المفرطة. فقبل أيام قتلت 4 نساء في بلدة أنصار في جنوب لبنان، والقاتل رجل استعان برجل آخر لتنفيذ جريمته، وقتلت أيضاً امرأة أخرى في عكار في شمال لبنان على يد شقيق زوجها... والآن مريم التي تواجه قتلاً معنوياً ونفسياً، وإن كانت ما زالت تتنفّس. 6 ضحايا في أسبوع واحد للعنف ضدّ النساء، وهذا العدد المعلن فقط، ذلك أنّ أحداً لا يعلم ماذا يحدث داخل البيوت المغلقة حيث رجلٌ معنِّف وامرأة يجبرها المجتمع والقانون على التحمّل... وكأنّ لا خيار آخر أمامها.

لمريم وللنساء الـ5 اللواتي أصبحن جثثاً هامدة، كل الحب والدعم. ولجميع المعنّفين، سيأتي يومكم...

Exit mobile version